قال السير جون تشيلكوت في تصريح له "لقد بات واضحا الآن أن السياسة البريطانية حول العراق كانت توضع بناء على معلومات وتقييمات استخباراتية خاطئة ومعيبة، وكان ينبغي أن يُطعن فيها".
بهذه الجملة تحديدا يمكن القول إن تشيلكوت قضى على نوع من أدب حرب العراق، حيث ما انفك البعض يرددون اتهامات لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير والرئيس الأميركي جورج بوش بأنهما قد ضغطا على المحللين وتلاعبا بالمعلومات الاستخباراتية قصد تبرير الحرب التي كانا يريدانها. ولكن بدلا من ذلك، قال تشيلكوت إنه كان على بلير أن يكون أكثر تشككا وحذرا بشأن المعلومات الاستخباراتية حول برامج أسلحة العراق.
وعلى الجانب الأميركي، كان ينبغي أن تختفي منذ سنوات الفكرة التي تقول إن إدارة بوش تلاعبت بالمعلومات الاستخباراتية. ومثلما يوضح تقريران من لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، فإن أجهزة الاستخبارات الأميركية كانت متفقة على أن صدام حسين كان يخفي برامج أسلحة كيماوية وبيولوجية وحتى نووية. غير أن تقرير تشيلكوت يتضمن الكثير من التفاصيل التي كان الجانب البريطاني على علم بها من القصة، ولعله من المفيد استعراض بعض خلاصته ونتائجه.
ولنبدأ بتقييم بتاريخ 27 فبراير 2002 من لجنة الاستخبارات المشتركة التي تشرف على التقييمات الاستخباراتية لحساب الحكومة البريطانية. تقول اللجنة "إن العراق يواصل أيضا برامجه الحربية الكيماوية والبيولوجية، ويستطيع إنتاج كميات مهمة من مادة "بي دبليو" في غضون أيام، ومن مادة "سي دبليو"في غضون أسابيع، من أي قرار بالقيام بذلك، إن لم يكن قد تمكن من القيام بذلك فعلا منذ بعض الوقت". وبخصوص البرنامج النووي، أشار تقييم اللجنة إلى أن العراق يواصل برنامجا لتطوير سلاح، على رغم أنه كان بعيدا عن إنتاج رأس حربية بخمس سنوات، على أقل تقدير.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه الأحكام والتقييمات كانت متناغمة مع تقييمات استخبارية أميركية وبريطانية لسنوات. ويخلص تقرير تشيلكوت إلى أن "الاعتقاد القوي بأن نظام صدام حسين كان يملك قدرات حربية كيماوية وبيولوجية، وكان مصمما على الحفاظ على قدراته، وتعزيزها إن أمكن، بما في ذلك القدرة النووية مستقبلا، وكان يتبع سياسة فعلية للخداع والإخفاء، كان يميز سياسة المملكة المتحدة تجاه العراق منذ انتهاء حرب الخليج في 1991".
ولكن تشيلكوت لم يعف بلير من الانتقادات، إذ يقول إنه قد حُذّر من أن غزو العراق يمكن أن يؤدي إلى تقوية شوكة تنظيم "القاعدة"، كما يخلص إلى أن بريطانيا لم تقم بالاستعداد على نحو كافٍ لليوم الذي يلي هزيمة قوات صدام. ويكشف عن رسالة من بلير إلى بوش يعده فيها بدعمه ومساندته في حرب العراق، مهما حدث.