عبث مصطلح الإرهاب ما زال هو المتسيد، رغم مرور أكثر من خمسة عشر عاما على أحداث سبتمبر، والتي أعادته إلى الواجهة بعد أن خف في سنوات التسعينات، إثر اندثاره نسبيا مع القبض على "كارلوس"، وانحسار العمل الفدائي العربي واليساري، وازدواجية المعايير، مع ما يحلو للبعض على تسميته بالنضال الأيرلندي، وهذا العبث المستمر اليوم يمكن النظر إليه من منطلق أن هذا التوصيف المخيف، أصبح يطلق بشكل لا يمكن تحديد ماهيته بشكل واضح ومحايد ومعزول عن التسييس والتوجيه، أو كما قال نعوم تشومسكي "إن الإرهاب بالنسبة لأميركا هو فقط ذلك الذي يوجه نحوها".

خلال الأيام الماضية، شهدت أميركا مجددا موجة من الاحتجاجات والأعمال الإجرامية المتبادلة، بين الشرطة ومنتقمين قرروا الثأر لأبناء جلدتهم من بطش القوات الأمنية التي قتلت، دون وجه حق، أفرادا لم يرتكبوا أي تجاوز، وفي حين بدا العمل الانتقامي ذا منحى إجرامي، يحاول إدخال الخوف في كل أفراد القوات الأمنية، إلا أنه لم يُسمَّ إرهابا محليا، تماما كما أسمينا نحن الأخوين اللذين قتلا أمهما المسكينة، فهل كان ذلك التصرف إرهابا كما أسميناه، أم إنه وجه لمرض الإجرام الذي يتسلل في ضمير مجتمعنا ونحسبه إرهابا استثنائيا، بعد أن عبث بنا هذا المصطلح، فبتنا نراه عنوانا لكل سوأتنا؟!

لا شك، أن العالم اليوم يعيش حالة يتفشى فيها هذا الطاعون الهلامي. الإرهاب بات اليوم مصطلحا يسوقه للانتقام حتى الشواذ جنسيا، فبعد أن عاش أحدهم دون أن يكون لديه أي أخلاقيات تحد من تجاوزه لطبيعته البشرية، يقوم ذلك الأفغاني بقتل أكثر من خمسين مِن مَن هو مثله متحولا في ذهنه المريض إلى جندي من جنود الله في الأرض سعيا في عمله البطولي أملا في التوبة.

هل الإرهاب هو أن ترهب الناس وتخيفهم وتجعلهم يعيشون في قلق وتأزم دائم حول مصيرهم واحتمال موتهم؟، وهل يعني ذلك بالضرورة أن يكون الإرهابي مسلما ليكون إرهابيا؟.

الهروب بتسمية كل عمل إجرامي بالإرهاب، قد يفقدنا بوصلة معالجة الإشكالات الاجتماعية المتزايدة، كما أن تجاهل تسمية الإرهاب خوفا من تأزم داخلي هو كذلك هروب من مشكلة ربما تكون في الجوار، ولكنها متخفية.