تقول التدوينة المصورة التي نشرها حساب صحيفة الوطن في "تويتر" ليلة التاسع والعشرين من شهر رمضان: "#عاجل?.. امتلاء الحرم المكي بالكامل"!
حينما تتحدث عن امتلاء الحرم المكي بالكامل، لا تتحدث عن مهرجان "الطماطم" أو جمهور نهائي أبطال أوروبا، والذي لا يتجاوز حضور المناسبة الواحدة ثمانين ألف شاب!.
أنت هنا تتحدث عن "مئات الآلاف" من البشر يجتمعون في مكان وزمان محددين، يقاسان بالمتر والدقيقة. على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم واعتقاداتهم وأعمارهم وأوزانهم وأمراضهم ونواياهم وأهدافهم. رقم يدخل خانة الأصفار الستة "بالراحة"!
يحضر هذا العدد الضخم، ثم يغادر ويذوب بسلاسة عجيبة، دون اضطراب أو فوضى أو خلل يذكر.
هنا، يجب عليك، حتى وإن كنت مناوئا أو معاديا لهذه الدولة المباركة وجهودها، أن تتحلى بالإنصاف، وتحترم نفسك، وتقول كلمة الحق. تعترف أن المعتمر والحاج يحظيان باهتمام لافت، وكأن هذه الحكومة لا هَمّ لها سوى هذه المهمة الجليلة!. سأختار نقطتين فقط للتوقف أمامهما:
الأولى: أن كثيرا من المقالات واللقاءات والبرامج والمداخلات التي تتحدث عن جهود الدولة في خدمة ضيوف الرحمن هي مشاركات بليدة، لا يقرؤها أو يشاهدها أو يستمع لها أحد، بل لا تُقنع أحدا، مجموعة كلمات إنشائية ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة، يتم تداولها. الفرق هو في تقديم كلمة وإضافة أخرى، متجاهلين لغة الأرقام، على الرغم من أنها لغة العصر القادرة على التأثير والإقناع!
النقطة الأخرى: هي بعض الاجتهادات التي أستطيع أن أضعها تحت عنوان "جاء يكحلها عماها"، فيتم تشويه جهود الدولة في خدمة المعتمرين عن حسن نية، إذ يتناقل البعض مقاطع مصورة يظنون أنها تضيف للجهود، والحقيقة أنها تسيء من حيث أرادت الإحسان. خذ لديك منظر بعض الأشخاص وهم يحملون "مرشات يدوية صغيرة" ويقومون برش الماء على المعتمرين، في طريقة بدائية، ففي الوقت الذي وضعت فيه الدولة أجهزة رش مطورة، يقوم هؤلاء باستخدام هذه الأدوات المخجلة، ويجدون من يروج لها على اعتبارها جهودا للدولة!.
الخلاصة: شكرا لكل العاملين في الحرم المكي الشريف -دون استثناء- على هذه الجهود التي لا تُقدّر بمال ولا ثمن.