يسهم الأطفال في إحداث كثير من الإزعاج، لكنهم كذلك يتأثرون بأي شيء يزعجهم ويحاولون أن يتحملوا هذه الأصوات المزعجة مثل أصوات التلفاز العالية ومشاجرات الإخوة وأصوات راديو السيارة المرتفعة ومحادثات الكبار. ووسط كل هذه الضجة المحيطة بالأطفال، يعاني الأطفال في عملية جمع معاني الكلمات الفردية وتكوين كلماتهم والجمل الخاصة بهم.
صعوبة التعلم
وفقا لدراسة نُشرت أخيرا في مجلة "تشايلد ديفيلبمينت"، فإن الأصوات العالية المزعجة قد تجعل تعلم اللغة أمرا صعبا على الأطفال الصغار. حيث إن العديد من الدراسات السابقة اكتشفت أن الأصوات المزعجة قد تحد من قدرات الأطفال على التعلم، خصوصا أصوات التلفاز الموجودة في كل منزل التي من شأنها أن تؤثر سلبا على مقدرة الطفل على التركيز.
وتقول بريانا ميكميلان، وهي طالبة دراسات عُليا في قسم علم النفس في جامعة ويسكونسن- ماديسون وصاحبة هذه الدراسة، إن تعلم الكلمات في سن مبكر مهم جدا يمكن له أن يؤثر على مهارات القراءة الأساسية لاحقا. وأضافت :"خبرات تعلم الكلمة الأولية هي خبرات تأسيسية لنجاح الطفل مستقبلا".
تجربة الأصوات
وقامت ميكميلان وأساتذتها في علم النفس البروفيسورة جيني سافران بإجراء بعض الاختبارات للتحقق مما إذا كانت خلفية المحادثات ذات الأصوات العالية أو المنخفضة تؤثر على إمكانية تعلّم الأطفال الصغار في عمر 23 شهرا.
واستمعت مجموعة من الأطفال الصغار إلى مقاطع مسجلة لكلمات جديدة مستخدمة في جمل. وفي نفس الوقت استمعوا إلى خلفية أصوات محادثات – التسجيلات الصوتية بدت وكأن شخصين يتكلمان في نفس الوقت. وقال الباحثون إن خلفية التسجيل قد تمثل أشخاصا يتكلمون في نفس الغرفة أو على التلفاز أو الراديو.
نصف الأطفال الصغار استمعوا إلى خلفية مُحادثات عالية. والنصف الآخر استمعوا إلى تسجيل بدرجة صوت مُنخفضة.
وفي أثناء تشغيل خلفية الأصوات المُزعجة قام الباحثون بتعليم الأطفال معاني الكلمات الجديدة عن طريق عرض الصور عليهم. ومن ثم اختبر العُلماء مدى نجاح كل مجموعة في تعلم الكلمات الجديدة.
النتيجة
اتضح من خلال التجربة أن الأطفال استطاعوا تعلم الكلمات الجديدة عندما كانت خلفية أصوات المُحادثات هادئة ومنخفضة.
وأجرى الباحثون نفس التجربة على مجموعة مكوّنة من 40 طفل يبلغون من العمر حوالي 6 أشهر أو أكبر واكتشفوا نفس النتيجة.
وفي تجربة أخيرة، قام العُلماء بإتاحة الفرصة لـ26 طفلا ليستمعوا إلى كلمات جديدة في جُمل في غرفة هادئة ومن ثم علموهم معانيها في مكان أكثر ضجة وإزعاجا. ونجحت هذه المجموعة في تعلم الكلمات الجديدة.
التجربة الأخيرة تعطي بعض الأمل بأن تخصيص بعض الوقت الهادئ قد يُساعد الأطفال على ربط المعاني بالكلمات في بيئة مزعجة في وقت لاحق.