كان الحوار مع فهد ولجين في برنامج "يا هلا" أحد أهم الحوارات في رمضان المنقضي، لماذا؟

شاب وفتاة دون سن الثلاثين، مرا بتجربة الدراسة في الخارج، يتحدثان لغتين أو أكثر، حاضران في الوسائط الجديدة، مشغولان بالحقوق والحياة الكريمة، ولهما قبول واسع، تزوجا عن حب وعلاقة سابقة، ظهرا في الردهة الموصلة للاستوديو ممسكين بيدي بعضهما، جلسا متجاورين، وتحدثا عن حياتهما بتفاهم. كانا مشهدا يشبه الانتصار لعدد كبير من جيلهما، ومن هو أصغر منهما، ممن ما زالت خطابات السياسة والدين والإعلام بعيدة عنهم كل البعد، ولعل هذا من حظهم بشكل ما، لقد جنبتهم التقنية، التي ولدوا عليها، كثيرا من هراء القول الواحد والوحيد، ومع ذلك ما زال الجميع يتحدث عن غيرهم، يناقش مسائل لا تخصهم ولا علاقة لها بطبيعة عالمهم، وإن يكن عشرة أو عشرون أو ألفا قد انزلقوا في قضايا هنا أو هناك من مخلفات الأجيال التي سبقتهم، فإن ملايين منهم غير معنيين بكل هذا، يعيشون حياة أخرى، لا يعرف عنها الغالبية شيئا، وعلى رأسهم المؤسسات المعنية بصياغة المجتمع.

الفراغ بين هذه الأجيال الشابة وبين ما يحدث مهول، ولا خطوات حقيقية لتفادي الفجوة، حتى على مستوى البيت العائلي، الآباء الذين رأوا لجين وفهد في تلك الحلقة لا بد أنهم صُدموا، لم يتوقعوا أن شيئا ما كهذا يحدث بالفعل، ومن يفكر منهم، سيكون قد تأمل ابنه وابنته لحظتها، وكأن سرا ما قد انكشف أمامه، وشعر أن المسافة بعيدة.

هؤلاء البنات والشباب على صلة بالعالم الحديث في كل شيء، صلة أعمق بكثير من الوالدين والمدرسة، من المنبر والكتاب، من السياسي والديني، ومن تقاليد المجتمع المريض، فكرتهم عن الحق والحقوق لا تنطلق من فتوى، وذائقتهم وعوالمهم الخاصة في مكان آخر، ما يهتمون له ويعبرون عنه في "يوتيوب" و"تمبلر" و"باث" و"إنستجرام و"فيس".... إلخ، وهي بالطبع أمور أخرى غير الاختلاط وكشف الوجه وعراك الموسيقى.. إلخ، ازدراؤهم وغضبهم الساخر حيال الواقع الخانق يكبر يوما إثر آخر.

إن أهمية لجين وفهد، وآخرون مثلهما، في كل ما فعلاه السنوات الماضية أنهما كسرا حاجز المخاوف الهش، وأعلنا عن نفسيهما، وخلقا الفرصة، وجيلهما يرى ويسمع.

جورج أورويل قال مرة عن النقاشات التي تدور بين الطلبة في المراحل التحضيرية "طرأ بوضوح تغييرٌ واسع.. نموٌ عام للتنوير حتى بين صفوف الطبقة الوسطى، غير المفكرة العادية، الديني على سبيل المثال قد تلاشى إلى حد كبير، ساحبا كثيرا من الأمور الفارغة معه".