يوما بعد يوم تزداد التحديات أمام استثمارات شركة آبل في السوق الصيني، التحديات التي تواجهها شركة آبل في الصين تجعلها تخسر ما يقدر بـ26% من نسبة مبيعاتها السنوية، خاصة أن الصين تعد أكبر سوق سريع النمو لمنتجاتها.

 في هذا المقال سوف أعرض لكم أهم التحديات التي واجهتها شركة آبل الأميركية في السوق الصيني، والتي أجبرتها أن تحد من أطماعها في هذا السوق وتخرج بخيبة أمل. التحدي الأول هو خسارتها نزاعا قضائيا حول حقوق ملكية شعارها الشهير "iphone" والذي استغلته شركة صينية لبيع حقائب ومنتجات جلدية تحمل شعار شركة آبل، وتستغل شهرة هذه العلامة لترويج منتجاتها، ورغم أن آبل طلبت تسجيل علامتها التجارية للاستغلال على السلع الإلكترونية في عام 2002 إلا أنها لم تحصل على الموافقة إلا في عام 2013، وتقوم شركة "شينتونغشياندي تكنولوجي" الصينية بوضع علامة "آي فون" التجارية على منتجاتها الجلدية منذ عام 2010، فواجهتها آبل في عام 2012 برفع شكوى ضدها أمام الهيئة الصينية للعلامات التجارية إلا أنها لم تحصل على حكم نهائي، فتوجهت برفع دعوى قضائية أمام محكمة بكين الجزئية التي حكمت لصالح الشركة الصينية بحجة أن آبل لم تثبت أنها كانت علامة تجارية شهيرة في الصين قبل عام 2007 العام الذي تقدمت فيه شركة شينتونغشايندي بطلب العلامة التجارية، وبهذا الحكم تستمر الشركة الصينية في ترويج منتجاتها مستغلة علامة يعلم العالم كله أنها لشركة آبل الأميركية.

التحدي الثاني هو فرض قانون صيني جديد يلزم بتخزين كل المحتويات المعروضة في الصين على خوادم مقرها في الأراضي الصينية، وهو ما فرض على آبل إغلاق خدمات "آي بوكس" و"آيتيون" في الصين، وكانت ضربة قاضية لشركة آبل دفعت الملياردير كارل إيكان المستثمر في شركة آبل إلى بيع كل أسهمه في الشركة بسبب مخاوفه من مستقبل آبل في الصين.

التحدي الثالث هو إعلان السلطات الصينية أنها تبحث إيقاف بيع "آي فون 6" و"آي فون بلس" لأنها تنتهك براءة تصميم هواتف تملكها شركة صينية.

التحدي الرابع هو منافسة شركة شياومي الصينية المصنعة للهواتف الذكية التي تصنع هواتف لا تقل مواصفاتها عن مواصفات هواتف آبل وتبيعها بنصف السعر، فأفضل أجهزة شركة شياومي هو جهاز "مي 4" ويملك مواصفات تفوق أجهزة آيفون، ورغم ذلك فإنه يباع بسعر لا يزيد على 300 دولار أميركي، بينما أسعار آيفون تبدأ من 650 دولارا. ولا تحتاج شركة شياومي لمعارض لتعرض أجهزتها مكتفية بعرض منتجاتها عبر الإنترنت الذي ينفد خلال دقائق قليلة من بداية العرض، ولذلك لا تضطر شركة شياومي للإنفاق على الإعلانات والتسويق لترويج هواتفها، وهذه الميزة جعلت هذه الشركة تصعد بشكل ملفت، حيث أصبحت رابع أكبر مورد للهواتف الذكية في العالم خلال ثلاث سنوات فقط، ويطلق البعض على شركة شياومي لقب "آبل الصين" لقاعدتها الكبيرة من المعجبين بهواتفها وتأثر رئيسها التنفيذي مي جون بأسلوب حياة رئيس شركة آبل الراحل ستيف جوبز، محاولا تقليده في لبسه وخطاباته وأسلوب حياته، ويلقب هو أيضا بستيف جوبز الصين.

يعد السوق الصيني الذي يحتوي على أكثر من مليار و400 مليون نسمة من تعداد السكان من أكبر الأسواق العالمية التي تطمح كل شركات العالم للدخول إليه والنمو فيه، ولكن سياسة الصين -لمن يفهمها جيدا- لا تسمح لأحد بأن يستغل الفرص الاقتصادية في بلدها، وتسهل كل الإجراءات للشركات الصينية لأن تنافس الشركات الأجنبية داخل السوق الصيني، وهذا هو ما نستنتجه من المشاكل والعراقيل التي وضعتها الحكومة الصينية أمام شركة آبل في السوق الصيني لتسمح للشركات الصينية بالمنافسة والفوز بالحصة السوقية الكبيرة، والذي لا يمكن تحقيقه في وجود منافس كبير مثل شركة آبل، ولذلك خلقت الحكومة كل هذه العراقيل والمشاكل أمام شركة آبل، وهذا يعتبر حقا شرعيا للصين يجد الكثير من التأييد من الاقتصاديين والسياسيين الصينيين، ويبدو أن شركة آبل بدأت تستوعب هذا الدرس وتفهم أن نموها سيكون محدودا على أرض الصين، رغم طمعها الكبير بهذا السوق إلا أنها لا تأمن مستقبلها في ظل هذه السياسة التي تواجها من قبل الحكومة الصينية، ولذلك فإنها اتخذت قرارا بتصنيع منتجاتها في الهند مغادرة الصين بحزن بعد أن تحطمت آمالها بالاستحواذ على حصة كبيرة من السوق الصيني.