أجمع نقاد من حضور مهرجان مسرح الطفل الرابع الذي اختتم قبل أيام في فرع جمعية الثقافة والفنون بالدمام أنه على الرغم من أن الابتسامة والتصفيق والتفاعل هي سمة مهرجانات مسرح الطفل ومنها المهرجان الأخير، الذي قدمت خلاله 5 عروض مسرحية وورشتان للأداء المسرحي وللفنون التشكيلية المخصصة للأطفال، إلا أن وعي الطفل تطور جدا أكثر من واقع تلك الأعمال.


 نقلة نوعية

يقول الكاتب والمهتم بأدب الطفل علي آل حمادة: لم تعد عقلية طفل اليوم كطفل الأمس، وذلك لما يتوفر بين يديه من أجهزة ذكيّة بتقنيات عالية الجودة تطلعُه على العالم من حوله وتؤثّر في سلوكه ووجدانه، لذا فالمسرح اليوم بحاجة لنقلة نوعية يعيد فيها حساباته بما يتلاءم ومنظور الطفل وتطلعاته، فيجذب انتباهه لخشبة المسرح بالشكل الذي يضمن فيه تفاعله وتأثره، ولن يكون ذلك إلا من خلال اعتماد التقنيات، وتجديد الفكر المسرحي ليروي شغف الطفل بما يلامس وعيه وإدراكه، فيعود المسرح لدوره الحقيقي بوصفه أداة تغيير وتقويم، سيدرك الطفل حينها بأن هناك ثمّة احترام لعقله وكيانه، وبأنه فرد فاعل جدير بالاهتمام، وقد بدا ذلك جليًّا خلال مهرجان مسرح الطّفل.

وأضاف: لابد من الالتفات لجعل الطفل محور أساس يدخل في نسيج العرض منذ بدايته حتى إسدال الستار. مع الانتباه لحاجة المسرحيين للدعم لا سيما من القطاع الخاص، لتقديم ما ينفذ إلى عقول الأطفال وقلوبهم، فالعرض أقرب إلى الرسائل التربوية المختزلة التي تعجز عنها فصول الدراسة، وعلينا الانتباه للنص المقدم للطفل، فيكتبه متخصصون يدركون حساسيته وقابليته للتعلم، مع وجود ورش عمل سابقة على العرض لتقييمه وتقويمه واستثناء ما لا يتلاءم مع المعايير المفترضة.


تفاوت كبير

لاحظ الناقد المسرحي مسبح المسبح على المهرجان أمورا فنية منها حسب رأيه "التفاوت الكبير بينها على صعيد الفعل المسرحي فمنذ الوهلة الأولى نلحظ ميلان الكفة لصالح فرقة مواهب، وذلك لوجود عناصر خبرة تفوقت بها على الآخرين، وبدا ذلك جليا في الجوائز التي حصلوا عليها فوجود شخصية مسرحية، مثل ماهر الغانم أسهم بشكل كبير في رفع معنويات الفريق المشارك، وبالنسبة لباقي الفرق فقد كانت مجتهدة بشكل كبير في فعلها المسرحي وكان من الواضح أن مشاركتهم كانت بهدف الإثراء الشخصي والمعرفي لهم فالممارسة والاختلاط مع المسرحيين كانت أهم من الجوائز، هذه الفرق أوصلت رسالة اجتماعية لكل أطياف المجتمع الكبير قبل الصغير من حيث أهدافها التربوية والسلوكية فكانت ركيزتها الأساسية هي فن التعامل مع الطفل والقدرة على استثارته وهذا ما حصل مع الجمهور من ردود الفعل المباشرة الصريحة، فالطفل استطاع أن يقول كلمة "لا" وهذا هو المطلوب من هكذا مهرجان، أضف إلى ذلك التوجيه السلوكي المتقن عند البعض، ما أدى إلى رفع الوعي لدى الطفل ولو بشكل لحظي، فمحاكاة الأطفال للشخصيات البطلة الطيبة بعد العرض والسعي لأخذ الصور معهم هو خير دليل على مدى تأثر الطفل بهم.

ويضيف المسبح كل هذه الأمور لا شك ولا ريب أنها تعود عل مستقبل المنطقة بالشكل الإيجابي وسيكون مرودها فعالا على مستوى مواسم قادمة، لذا أنا من المصرين على استمرار مثل هذا المهرجان وبكثافة ضمن ضوابط ومقررات تكون إلزامية للفرق ورواد المهرجان، ناهيك عن النشاطات المصاحبة للمهرجان التي بدورها تخلق جوا من المتعة لدى الطفل والأسرة، وتسهم بشكل كبير في رفع المستوى الإدراكي للطفل والمعرفة الكمية التراكمية للأسرة كما أنها تسهم في اكتشاف مواهب مدفونة عند الأطفال.





جرأة وضحك

يرى الناقد، مدير جمعية الثقافة والفنون في الدمام سابقا عيد الناصر أن العائلة هي بطلة مهرجانات الطفل. وقال: أوشكت أن أقول لنفسي بأن "مهرجان العائلة المبتسمة"، يبدو أن الكثير من العائلات كانت تأتي بأكملها، الأب والأم والأطفال لحضور فعاليات المهرجان، وهذه ظاهرة اجتماعية وفنية وإنسانية جميلة ورائعة بكل ما تعني الكلمة ولقد افتقدها مجتمعنا لعقود طويلة. وبعيدا عن التقييم الفني والنقدي للعروض التي قدمت خلال المهرجان يكفي ما خلقته من طقس فني واجتماعي خاص ومخصص للأطفال، وللأطفال بالدرجة الأولى، حيث جلسوا في المقاعد الأمامية وضحكوا وصفقوا وتداخلوا مع العروض بكل جرأة وأريحية وحرية، وقد استثارت العروض بألوانها الزاهية وأغانيها الجميلة ورقصاتها الخفيفة روح المرح والفرح والمحبة بين الحضور.