أؤمن أن الجدال حول فضل الصحف الإلكترونية في إثراء الساحة الإعلامية وتطويرها هو مجرد مراء عقيم، فلا أحد ينكر أن هذا النوع من الصحف كان له الفضل في كسر حاجز الاحتكار الذي كانت تمارسه أغلب الصحف الورقية، فأصبح من السهل انضمامك إلى كتائب الصحفيين والكتاب والمحررين، إضافة إلى أنها خلقت منافسة شرسة مع الصحف التقليدية في طبيعة وأهمية المحتوى وسرعة نشره لغاية الوصول إلى أكبر عدد ممكن من القراء.
الصحف الإلكترونية الحاصلة على ترخيص وزارة الثقافة والإعلام تتجاوز 750 صحيفة ما بين العامة والمناطقية، أي بما يعادل صحيفة إلكترونية واحدة لكل 28.000 مواطن. شخصيا ما زلت منذ اطلاعي على هذه الإحصائيات أتعجب من نشاط إدارة النشر الإلكتروني في وزارة الثقافة والإعلام واجتهادها المبالغ بإصدار ذلك الرقم من التراخيص "وكأن السعودي مع هذا الكم الهائل من الصحف لا يجد متعته إلا بمتابعة الأخبار المنقولة"!
لا أعلم ما الآلية التي على أساسها أصدرت على إدارة النشر تلك التراخيص دون شروط محددة وعدد معين؟ ما أعلمه أن هذا العدد من الصحف لا يخضع إلى أي نوع من أنواع رقابة المحتوى المفروضة على الصحف الورقية، وهذا ما أعتبره بمثابة القنابل الموقوتة، فعلى سبيل المثال فإن غالبية الصحف المناطقية المرخصة يعمل منسوبوها وفق أجندات تابعة لمصلحة القبيلة أو المنطقة أو إدارة جهة عمل مقربة، بالإضافة إلى نشر ثقافة التعصب وإثارة النعرات القبلية، خصوصا إذا كانت المنطقة الواحدة تحوي أكثر من صحيفة إلكترونية متنافسة.
لا يخفى على أحد أن مؤسسي ورؤساء تحرير أغلب هذه الصحف هم من هواة الصحافة والإعلام، بعكس الصحف الورقية التي تعتمد على الخبرة والمهنية، ومن هذا المنطلق يتضح أن ما قد يُمنع نشره في الصحف الورقية بناء على رأي المحررين قد ينطلي ذاته على مشرفي الصحف الإلكترونية بسبب ما أسلفته من افتقاد الخبرة والقوانين والتدريب، ما يجعل "بعض" كتّاب الرأي يعمدون إلى نشر مقالاتهم عبر الصحف الإلكترونية إذا ما تم منعها في الورقية.
الغريب في نشاط إدارة النشر أنه لم يكشف لهم أن جزءا من هذه التراخيص كانت من نصيب صحف قبائلية "يعني صحيفة الفلانيين"، وربما هذه التراخيص تستحق أن أطلق عليها تراخيص ممارسة العنصرية!