كل المزادات يمكن قبولها. إلا المزاد على البشر. المزاد على الإنسان. بيع وشراء البشر. أعني هذا المزاد الرخيص على المحكومين بالقصاص.
قبل فترة قدمت اقتراحا لوزارة العدل طالبت فيه بفتح السقف الزمني لسداد الدية. بعد أن يوضع حد معين لها، لأن الظاهرة الحالية باتت منكرا لا تقبله الأعراف، ولا الأخلاق الكريمة.
كثيرون تحدثوا في هذا الشأن. غير أن أغلب ما يطرح بشأن الديات والمبالغة فيها، هو من باب النصح والتوعية. لا أكثر، ولذلك وصلت الديات في بعض الأحيان إلى أرقام فلكية. والأمر بالمناسبة لا يقتصر على القبائل وحدها. هناك عائلات لم تتورع عن طلب ديات باهظة!
قبل أيام وصلت إليّ مبادرة رائعة طرحها الأخ الكريم "محمد بن مران بن قويد"، الرجل غني عن التعريف؛ وإن كنت لا أعرفه على الصعيد الشخصي.
جاءت مبادرته كحركة عملية على الأرض، وأسماها بـ"الفكرة الاجتماعية الوطنية" -وهي كذلك بالفعل لمن اطلع عليها- إذ أمضى مع فريق متخصص عاما كاملا في دراستها.
توصل المعنيون بالمبادرة إلى أنه بعد عفو ذوي المقتول، ينظر في إمكانية مساعدتهم حسبما تقتضيه حالتهم بعد فقد معيلهم، بما يعينهم على أعباء الحياة؛ لتحقيق استقرارهم.
تتمثل المساعدة في تأمين منزل مُلك للأرامل واليتامى القُصَّر، أو تحقيق طلب ذوي المقتول في بناء جامع، أو غيره لتكون صدقة جارية للمقتول، على ألا يتجاوز تكاليف -جميع ما ذكر- مبلغا وقدره ثلاثة ملايين ريال، وكحد أعلى مبلغ خمسة ملايين ريال فقط في حالات استثنائية.
مبادرة الشيخ الدكتور "محمد بن مران بن قويد" تستحق إطلاقها كمبادرة وطنية عامة، والنقاش حولها. كونها ستصبح حافزا لمن أرادوا أن يَعْفُوا وَيَصْفَحُوا، ولديهم ظروف مالية قاسية، بعد فقدهم معيلهم، وهذا الحافز يُجنبهم أيضا سماسرة الدم، ومزايداتهم المُبالغ فيها.