أرذل العمر هو حالة الضعف التي يمر بها بعض البشر، بحيث يزول الإدراك لديهم.. جاء في القرآن الكريم "ومنكم من يُرَدُّ إلى أرذلِ العُمُر لكيلا يعلم من بعد عِلْمٍ شيئًا"..
يدخل الإنسان مرحلة الهرم، والخرف، ويعود كالطفل، ضعيف العقل، عديم الفهم، لا يفقه شيئًا مما يدور حوله!
من الأدعية المستحبة الاستعاذة من أرذل العمر.. كان عليه الصلاة والسلام يتعوذ نهاية كل صلاة من أربع، ومنهن "وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر".
لماذا أتحدث اليوم عن أرذل العمر .. قبل أيام لفت انتباهي رقم صادر من الشؤون الصحية في جدة، يقول إن حالات الإقامة الطويلة في المستشفيات بلغت أكثر من 333 حالة.. كانت تساؤلاتي يومها بعيدة عن العبء المالي والمادي الذي تتحمله وزارة الصحة: أين ذوو هؤلاء المرضى الذين بلغوا مرحلة أرذل العمر.. لماذا يهربون ويرفضون استلام ذويهم، والعناية بهم في منازلهم؟
تلك أسئلة أخلاقية.. ومن السذاجة أن تطالب الإنسان بشيء لا يمتلكه..
أعود إلى سؤال وزارة الصحة نفسها.. هذه مشكلة تعانيها الوزارة منذ سنوات، وأقامت حسب علمي أكثر من مؤتمر لنقاشها.. وكثير من غرف العناية الفائقة وأسرة المستشفيات الكبرى مشغولة بمرضى الإقامة الطويلة.. لكن ألا تعطي تلك التصريحات المتكررة - كما يقول أحد الغاضبين - إشارة سالبة إلى العاملين في المستشفيات بإهمال هذه الفئة المنسية!
ثم، أليس محزنًا أن يكون هذا حال بعض الناس ومآلهم حينما يبلغون أرذل العمر.. "كرة تنس" يتقاذفها ذووهم، ومستشفيات الدولة المختلفة.. ألا توجد حلول تحفظ كرامة الناس عِوضاً عن هذا الرخص الشديد لقيمتهم في وطنهم.. لماذا لا تقام أجنحة نقاهة بمواصفات خاصة في هذه المستشفيات؛ لاستيعاب هؤلاء المواطنين الذين أفنوا سنين طويلة من عمرهم في خدمة بلادهم؟
الإنسان في هذه السن بحاجة فعلية لمن يحافظ على كرامته.. كثيرون معرّضون لأن يصبحوا (كرة تنس) يومًا ما.. يقول ربنا عز وجل "وَمَن نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ في الخَلْق أفلا يعقلون" .. النكس هو قلب الشيء على رأسه.. اللهم لا تقلبنا على رؤوسنا، ولا تردنا إلى أرذل العمر!