أثارت الأعمال الإرهابية التي شهدتها أوروبا أخيراً في باريس ونيس وسانت إتيان دو روفرييه، وكذلك الحرب المستمرة في سورية وملايين اللاجئين والشرطة، وما يتعلق بها من هجمات إطلاق النار في الولايات المتحدة الأميركية وحادثة الطعن في اليابان، غضب العديد من الصحفيين والأكاديميين الذين شعروا بأنهم مجبورون على مواجهة مُشكلة العنف في العالم، لاسيما بعد أن تعاطف بعضهم مع ما ذكره عالم النفس ستيفن بينكر بهارفرد في كتابه "أفضل الملائكة لطبيعتنا" الصادر عام 2011 الذي أشار فيه إلى أن "العالم الحديث أكثر سلاماً أي أقل عُنفاً، من أي فترة أخرى في تاريخنا"، مؤكدين أن "ادّعاء بينكر بدا مُناقضاً للأحداث التي حصلت أخيراً".
وذكر الكاتب ديفيد هاموند لصحيفة "ذا تيليجراف" رقمين مُرعبين: 180.000 شخص قُتلوا بسبب الصراعات الداخلية في 2015، وهو ما يعادل 3.5 أضعاف أعداد القتلى في 2010، وأن حالات الوفيات بسب الإرهاب تضاعفت 5 مرات مُقارنةً بالخمس عشرة سنة الماضية.
وتطرق هاموند إلى الصراعات في سورية والعراق وأفغانستان ومُنظمات مثل داعش وبوكو حرام، وقال "هم بلا شك يُساعدون في تفسير هذا العُنف المُتزايد"، مضيفا أن العالم أكثر عُنفاً الآن، مشيرا إلى الدلائل على ذلك.
نوع العنف
واستهل هاموند دلالاته بالقول إن الأمر يعتمد على نوع العُنف الذي نُشير إليه، ففي فرنسا مُنذ بداية 2015 قُتل 239 شخصا بسبب أحداث مُتعلقة بالإرهاب، بينما لم يسمع الكثير عن 223.000 امرأة ممن يتم تعنيفهن جسدياً ونفسياً سنوياً، كذلك في أستراليا والسويد، ووفقاً لإحصائيات الحكومة البريطانية فإن 80.000 امرأة تُغتصب كل سنة في المملكة المتحدة، و400.000 امرأة يُعتدى عليها جنسياً، فيما تختلف هذه الأرقام من منطقة في العالم لمنطقة أخرى.
تباين الاهتمام
ووفقا لهاموند فإن الأمر يعتمد كذلك على الموقع الذي نُشير إليه من هذا العالم، ففي وقت حظيت الهجمات في فرنسا على تغطية وسائل الإعلام، إلا أن هنالك هجمات مُشابهة لم يُعرها الإعلام أي اهتمام، من بينها الهجوم الذي وقع في جامعة كينيا في أبريل 2015 والذي خلّف وراءه 147 وفاة، كذلك الهجوم بقرية باجا في نيجيريا، والذي قتل نحو 2.000 شخص على يد إرهابيين، وذلك في نفس الأسبوع الذي وقعت فيه هجمات شارلي إبدو في يناير 2015، كما أن الأسبوع الذي سبق هجمات نوفمبر 2015 في باريس كان هنالك تفجيران في بيروت تسببا في مقتل أكثر من 40 شخصا، فضلا عن سورية والتي بلغ عدد القتلى فيها أكثر من 400.000 شخص.
إحصائيات خاطئة
وأشار هاموند إلى أن إحصائيات الصحفيين والأكاديميين تحاول "إثبات" أننا نتجه نحو مُستقبل أكثر سلاماً، لافتا إلى عدم دقة هذه الإحصائيات، وقال "لطالما كان العالم مليئاً بالعنف وسيكون هكذا دائماً"، مشددا على أن الأسباب تتعلق بالعرق والجنس والسياسة الداخلية والخارجية. وأضاف أن الحل يكمن في وضع الأحداث الأخيرة ضمن سياق مُعيّن، وفي بعض الأحيان يعني ذلك أن نعود إلى التاريخ حتى نفهم السبب وراء هذه الانفجارات العنيفة بشكل أفضل.