منذ بدأ استخدام كلمة "المثلي" بعد ترجمتها من اللغة الانجليزية وأنا لا أحبذ هذه المفردة ولا أستخدمها لأن فيها ياء النسبة على النحو الذي يجعلني أتحرج في تشبيه "الشاذ" كما يعرف باللغة العربية بنفسي، وذلك في حالة قلت إن فلان "مثلي"، وأظن أن لنا في قاموس العربية ما يغني عن استخدام هذه المفردة الشاذة، وكما هو معلوم فبعد جريمة نادي المثليين في أميركا وما نتج عنها من وفيات وإصابات فقد اتجهت بعض أصابع الاتهام إلى الإسلام وإلى المملكة، لا لشيء إلا لأن عمر متين سبق له أن ذهب إلى مكة حاجاً أو معتمراً، وبحسب جاهزية التهم لدى الإعلام الغربي فلكَ أن تتخيل حجم الاستمرارية وجاهزية اتهام المملكة باعتبار مكة محجة ومقصداً لملايين المسلمين إلى يوم الدين، وكأن علينا تبعاً لهذا الاستهداف المستمر أن نغلق مكة لكي ترضى عنا اليهود والنصارى وكل الطوائف من غير المسلمين!
كنا قبل سنوات نعتد ونضرب الأمثال بمصداقية الإعلام الغربي التي لا يشوبها الانحياز، وكذلك الاستقلالية التي تجعله في منأى عن تأثير السياسة والمصالح، لكننا وقد صرنا تحت مجهرهم بدأنا نتأكد أن الحياد في الإعلام أسطورة مثل العنقاء.
لقد تواترت الأخبار تباعا عن منفذ هجوم أورلاندو، فقد قال أبوه إنه فعل فعلته بعد أن رأى شاذين يقبلان بعضهما أمام زوجته وأطفاله، وهو ما لم يتحمله بحسب كلام الأب، لكن التقارير تتحدث كذلك عن نشأة مضطربة لمرتكب الهجوم، ثم تواتر عنه أنه كان ذا ميول مثلية، وأنه يرتاد الملهى محاولاً الخوض في علاقة عاطفيه مع بعضهم.
ثم قيل إن اسمه عامر وليس عمر، وإنه من شيعة هزرا الأفغان، ويتردد على المركز الحسيني الإيراني الذي يخطب فيها الشيخ فرخ بهرام، وهو من كان يحرض على قتل الشواذ، وقيل إنه هرب لاحقاً إلى أستراليا ثم إلى إيران.
ثم جاء النائب البريطاني جورج قلوي ليكشف عن معلومات أخرى، وهو أن عمر متين كان يعمل حارسا أمنياً، وله علاقة بشرطة نيويورك، وأنه مدمن على الكحول والمخدرات، وأنه قد سبق توقيفه واستجوابه من الـ F.B.I، وأنه يحمل شهادة موثقه بأنه مريض عقلياً، فإن كان ذلك كذلك فكيف سمح له باقتناء السلاح! ثم يذكر النائب جورج أن والد عمر له علاقات مع الـC.I.A (القسم الأفغاني).
إن النظر إلى كمية هذه المعلومات المختلطة تجعلك تهجس بفكرة المؤامرة، لكنك لا تملك ما يؤكد ظنونك حول علاقة إيران بالأمر أو علاقة الاستخبارات الأميركية بالجريمة، على أن الأكيد هو أن حشر اسم المملكة والإسلام يتم من باب الاستهداف المتعمد الذي صار واضحاً وجلياً في الهجوم الإعلامي المستمر الذي تتعرض له المملكة، وتهب عواصفه عليها من جهات عديدة.
وهو ما يوجب علينا التحوط لمحطات أخرى قادمة من الاتهام والاستهداف المتعمد، وأن نضع الخطط الواضحة لمواجهة ذلك بالحقائق وبالشفافية وبالتواصل مع المؤثرين دولياً سياسياً وإعلامياً، والسعي لقطع الجسور التي أقامتها إيران مع وسائل التواصل العالمية من خلال الافتئات والكذب على المملكة، ولن يكون ذلك إلا وفق حملة علاقات عامة منظمة ومستديمة، وأن تتكئ حملتنا على الحقائق والوثائق وتكون الرسالة منسجمة مع العقلية الغربية.
إنها حرب طويلة، لكننا قادرون لو شئنا أن نخوضها وأن ننتصر فيها.