لا أعرف لماذا تذكرت صوت الأرض طلال المداح وهو يشدو بأغنيته الشهيرة (زمان الصمت)، عندما شاهدت القوة العاشرة اللاعب محمد نور وهو يجفف دموعه بشماغه، وكأني أسمع جمهور نادي الاتحاد يردد مع أبو عبدالله بصوته النقي حبيبي يا حبيبي

كتبت اسمك على صوتي

كتبته في جدار الوقت

 على لون السما الهادي

 على الوادي

 على موتي وميلادي.

نعم لقد حفر أبو نوران اسمه في قلوب محبي وعاشقي المونديالي قبل أن يحفره في صدور أنصار العالمي، لقد ترجل ورحل ابن مكة الذي أحبه السعوديون وتعاطفوا معه في الضراء لأنه كان صانع الفرح في السراء، ودع نور الملاعب بعد أن عمل وحقق كل شيء، لعب مدافعا وظهيرا ومحورا وصانع لعب ومهاجما وحتى حارسا، وكان المدرب داخل الملعب وحتى خارجه، تعجبني كثيراً طناخة نور الذي أضاء كل شيء حوله بشموع الفرح والزهو والفخر والمجد، ودع بعد أن بدّع، رحل بعد أن كان في كل المباريات رجلا، تحدى كل الصعاب، تجاوز كل العقبات داخل الملعب وفي المكتب، ما زلت أتذكر مقولته الشهيرة (يا نموت يا يفرح الجمهور) التي جلبت للعميد أجمل وأقوى البطولات، أنا حزين ليس من أجل رحيل نور فقط، بل لأننا سنفتقد لاعبا بحجم نور، وسنحرم من تلك المقولات والتصريحات الرنانة التي كانت تبث روح الأمل والتفاؤل وتجعلنا نعيش على أمل جديد، هل سيجود علينا زماننا بمثل نور، هل سنشاهد مغامراته وتحدياته وقصصه الجميلة التي عشت بعضها أثناء مرافقتي لنادي الاتحاد والمنتخبات السعودية بوجود نور، في كأس العالم 2006 كانت الخطط الهجومية للبرازيلي ماركوس باكيتا مدرب منتخبنا تعتمد على احتضان نور للكرة، بعد كأس العالم 2002 بكوريا واليابان، وبعد خسارتنا الشهيرة من ألمانيا في اليوم الثاني الكل بوضعه الطبيعي ما عدا نور كان يغلي ويردد: حرام يهزمونا، ليتك يا نور تستطيع أن توزع روح التحدي والإصرار الذي لديك على لاعبي الجيل الحالي، رحلت ونحن بحاجة إليك أكثر من حاجتك لنا، رحلت بعد أن هزمتهم كلهم وبالضربة القاضية.