"كل ما يلزم الأشرار للانتصار هو صمت الأخيار"، قالته جو في مجلس العموم البريطاني، مبررة رفضها صمت العالم على الجرائم التي ارتكبها النظام السوري وروسيا تجاه الشعب السوري الأعزل.

جو كوكس شابة بريطانية صرفت عمرها في مساعدة المقهورين في هذا العالم، ووقفت بشدة وشجاعة لا تتكرر، رافضة نسبة الإرهاب للإسلام، كانت تتجول بين اللاجئين السوريين تخدمهم بإنسانية نادرة الوجود، وتدخل المساجد مرتدية الحجاب تخبر العالم بأن الإنسانية أولاً.

جو كوكس رحلت عن هذا العالم القاسي بين يدي مساعدتها المسلمة المحجبة بعد أن أطلق عليها رجل متطرف النار ينتمي إلى منظمة إرهابية أميركية تزعم أن العرق الأبيض يأتي أولاً.

قال زوجها معزيا نفسه وطفليها إنها رحلت وهي تحاول أن تجعل العالم أفضل، في الحقيقة أنك تتساءل مع هذا الرحيل المؤلم لجو هل كان الأمر يستحق؟

بماذا كانت تفكر جو وهي تخالف مجتمعها وتغامر بفرصتها السياسية في العالم الغربي، وتتشح بالعلم الفلسطيني متحدية كل خطط العالم لتهميش الشعب الفلسطيني، بل إنكار وجوده؟

بماذا كانت تفكر جو وهي تقف بصلابة وسط صرخات العالم من جرائم داعش، رافضة أي رابط بين داعش والإسلام.

لا شك أنها لم يهمها الكثير من المكاسب التي يجنيها السياسيون من مناصرتهم للسائد، بل ما أهم تلك الشقراء هو ألا تصمت على ما يفعل الأشرار.

لقد أبّن جو رئيس الوزراء البريطاني، وسارع الناس لوضع الزهور مكان رحيلها، لكن لم نسمع كلمة واحدة من قيادة فلسطينية تنعي جو ولا حتى رئيس بلدية في حي من أحياء غزة، بل ولم تصدر أي منظمة عربية بيان، سواء كانت ثقافية أو حقوقية.

لقد وقف صلى الله عليه وسلم لجنازة يهودي لا يعرفه، وهو دليل على احترام الروح المغادرة، فكيف لا يقف المسلمون والعرب لروح هذه المرأة العظيمة جو ويذكرونها تقديرا لما فعلته.

إن المدافعين عن الإسلام وقضايانا العظيمة تبرز مواقفهم من عظم الإنسانية فيهم ولا يحتاجون لتصفيقنا، لكن الأمر يتعلق بنا لا بهم، نحن الذين لدينا مشكلة مع الإنسانية حتى بمجرد شكر روح على وقوفها معنا.