تشهد العاصمة اللبنانية بيروت مطلع أغسطس المقبل، سلسلة اجتماعات متلاحقة تعقدها القيادات السياسية والتي ستسمر ثلاثة أيام في محاولة استثنائية للتوصل إلى حلول للأزمة السياسية المستعصية، التي تبقي لبنان من دون رئيس للجمهورية منذ مايو 2014، ويتضمن جدول الاجتماعات ثلاث نقاط أساسية تتضمن محاولة الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية، والاتفاق على الحكومة الجديدة بعد انتخاب الرئيس، وكذلك محاولة إنجاز قانون للانتخابات النيابية لتجري على أساسه الانتخابات التي يفترض أن تحصل بعد يونيو من العام المقبل.
الخروج على الدستور
جاءت الدعوة إلى هذا الماراثون الحواري في أعقاب سلسلة طويلة من الاجتماعات، عقدت بدعوة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وبرئاسته، ولم تتوصل إلى نتيجة تذكر. وحسب مراقبين فإن السبب الأساسي لهذا الفشل يعود في نظر غالبية اللبنانيين إلى خروج تحالف حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر، العماد ميشال عون، على الدستور وامتناع نوابهما من الذهاب إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للدولة، إلا في حالة واحدة: أن يكون عون رئيسا، مشيرين إلى أن هذا الموقف لم يتغير، حيث استمر عون في إشاعة أجواء عن قرب وصوله إلى الرئاسة، فيما يواصل حزب الله حملته على "تيار المستقبل" وما يمثله محليا وعربيا، محملا إياه مسؤولية منع انتخاب الرئيس لأنه يرفض اختيار عون.
تنفيذ قرار طهران
ومن وجهة نظر المراقبين فإن المسألة أبعد من ذلك، إذ تسود قناعة عامة في لبنان أن حزب الله ينفذ قرارا إيرانيا، يقايض استعادة السلطة الدستورية في لبنان، بتكريس الهيمنة الإيرانية في المنطقة، خصوصا في سورية. وخلال زيارته الأخيرة إلى لبنان، كان وزير الخارجية الفرنسية جان مارك أيرولت يعي هذا الواقع، فقبل مجيئه، أجرى وحكومته مباحثات في باريس مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فهم الفرنسيون بنتيجتها أن الإيرانيين لا يتمسكون بعون قدر رغبتهم بالسيطرة الكاملة على مفاصل الدولة اللبنانية، فقد طرح الجانب الإيراني على الفرنسيين أنه إضافة إلى المجيء بعون رئيسا، يجب الاتفاق مسبقا على تسمية رئيس الحكومة وتركيبتها، وعلى شخصية قائد الجيش وحاكم البنك المركزي. وحسب مراقبين فإن مثل هذه الشروط لا تترك مجالا للتفاوض حتى للمرشح عون، عدا أنها تطرح سلفا استبعاد كل القوى التي تعتبرها إيران مناهضة لها وحزبها في لبنان.