من الروايات الشهيرة التي تحكي قصة حقيقية، رواية "زوربا اليوناني"، للكاتب "نيكوس كازانتزاكيس".
الرواية تشعر قارئها بقيمة "زوربا"، وشخصيته المتميزة؛ فقد كان محبا للحياة بكل أشكالها، وكان دائم الذكر للفرح حتى في لحظات الحزن، وروايته عبارة عن فلسفة عميقة، تتضمن تعريفا للحياة البسيطة، وفيها إشارات لطيفة عن حب الوطن، والحياة، وعن المبادئ السامية، والمثل العليا، ونكران الذات.
هنا في بلادنا، كان لدينا "زوربا"، وكانت له معه في عصر كل يوم من أيام هذا الشهر الفضيل صولات وجولات فكرية ممتعة؛ إنه الأديب، والشاعر، والناثر، والمؤرخ، والفيلسوف، والموسوعي، والنسّابة، والفقيه، والمحدث، وخطيب المحافل والمجالس، ابن المدينة المنورة، وخريج حلقات العلم بالمسجد النبوي الشريف، الأستاذ محمد حسين زيدان "رحمه الله" الذي كان يلقب بـ"زوربا" الحجاز، لاستيعابه الخارق للتاريخ، ولا سيما التاريخ الإسلامي، وتذكره الوافي لتفاصيل التفاصيل، مما يدعو المتابع إلى الانبهار، ويجبره على الإعجاب؛ حتى أن الأديب الراقي السيد عبدالله الجفري "رحمه الله" استعار الاسم، عندما ألف كتابه عن الأستاذ الزيدان، فأسماه: "الزيدان - زوربا القرن العشرين".
من برامجه الرمضانية "مواقف مشرفة من التاريخ الإسلامي" و"سير الصحابة"، وله غيرها في غير رمضان. تحدث عن أبطال الإسلام، وجمعهم بعد ذلك في كتابه "سيرة بطل"، وتحدث عن جلالة الملك عبدالعزيز "رحمه الله"، وجمع ما قاله في كتابه "عبدالعزيز والكيان الكبير"، وله عشرات الكتب الأدبية، والتاريخية، والسياسية، ومن أشهرها "رحلات الأوروبيين إلى نجد والجزيرة العربية"، و"ذكريات العهود الثلاثة" -من أمتع ما كتب عن المدينة المنورة- و"خواطر مجنحة"، و" تمر وجمر"، و"العرب بين الإرهاص والمعجزة"، و"أشياخ ومقالات"، و"كلمة ونصف"، و"المخلاة"، و"المؤتمر الإسلامي هو البديل المثالي للخلافة الإسلامية"، وله مئات المقالات التي نشرها في مختلف الصحف المحلية، وفي غيرها من الدوريات الداخلية والخارجية.
بمناسبة رمضان فتشوا عن برامج الأستاذ الزيدان الرمضانية في "يوتيوب"؛ وأنا على يقين أن الفرق بين مسموعاتكم القديمة لا يمكن أن يقارن بمسموعاتكم الحديثة؛ البرامج القديمة، ومنها برامج الأستاذ الزيدان -وأقرانه- فخمة: كانت كنوزا معرفية، وتراثا فلسفيا، وكانت طريقا لصقل عقول المشاهدين، وصبغها بالصبغة العلمية المميزة.
خاتمة:
الزيدان يصف نفسه: "أنا عربي. سواء كنت من ذوي الأعراق، أو من ذوي الاستعراق. أحارب الحيف، وأُكرم الضيف. يطعني السيف، أتمرد على العدالة، ويأخذني الظلم إلى الاعتدال. أصبر على الجوع، وأتستّر على الشبع. بالشظف أسُود، بالترف أُستعبد. أيستعبدني أحد!. أنا بالترف تستعبدني الشهوات.. وهذا حالي أصف به نفسي، كأّي نفس عربية تعيش اليوم".. رحم الله ذلك الطود الشامخ.