محمد آل شمح
بما أني من أهل الباحة الباردة صيفا، قررت أن يكون استجمامي داخل منطقتي، بين الأمطار والغابات والجو اللطيف، ولكن بين سرحان خيالي وخطوات قراري، اتصل بي أحد أصدقائي، والذي يزور الباحة للمرة الأولى، وفي أول مكالمته عاتبني بقوله "ليش شوارعكم كلها حفر ومطبات"، هنا توقفت كل كلمات المدح والتبجيل التي خزنتها في ذاكرتي لقولها إلى أي شخص يبحث عن مكان للراحة بين حنايا مدينتي العزيزة، ولم يتحرك لساني إلا بقول، الله يعين على الفساد.
واستمررت أحاول تلطيف الأجواء ببعض معالم الجمال في المدينة، وأين يذهب صاحبي في سياحته الداخلية، وكيف له أن يقضي أيامه في الباحة، وفي منتصف المكالمة صاح صاحبي "كيف تقول إن الباحة مدينة، وهي تفتقر إلى أبسط أبجديات المدن قبل أساسيات السياحة"، وهنا أخذتني الحميّة ووقفت في وجه صرخات صاحبي، ووضحت له أن أهم ميزة عندنا هي روعة الغابات وتناسق المتنزهات، حينها قال "كلها غُدره - وكلمة غُدره دلالة على الظلام الشديد - والنفايات في كل مكان ولا حس أو خبر لعمال النظافة غير العمل في وسط الباحة".
أصابني ذهول وحيرة كيف عَلِمَ بكل هذا وهو لم يكمل إلا يومين. دافعت عن مدينتي بأن كل المدن في المملكة قد تجد فيها الصالح والطالح، وصحيح أن الباحة ينقصها بعض الأشياء، ضحك صاحبي، وقال "ما شفت عندكم غير المطبات والحفر والغدرة وسوء التنظيم الذي يجعلها أشبه بغابة، لذلك أنصحكم بأن تخاطبوا المسؤولين عن الحفر والمطبات وانقطاع الكهرباء، كي تصبح مدينتكم فعلا جاذبة للسياحة، كما تريدون.