توقعت دراسة أميركية جديدة أن تشهد منطقة الشرق الأوسط أزمة جديدة لاختلاف مواقف بعض الدول المؤثرة في المنطقة، مشيرة إلى أن سياسات روسيا وإيران إلى جانب المواقف المتباينة للولايات المتحدة ستقود المنطقة إلى أزمات جديدة وخطيرة.
وقالت الدراسة التي نشرها موقع "ميدل إيست بريفنك" الأميركي، إن المملكة العربية السعودية ترى أن سياسة إيران وحروبها بالوكالة في المنطقة تجاوزت كافة الخطوط الحمراء، لا سيما أنها تصر على زعزعة الاستقرار في المنطقة، والتدخل في شؤون الدول العربية.
انتهاكات طهران
تؤيد الدراسة وجهة النظر السعودية بالإشارة إلى الانتهاكات الإيرانية المتتالية في المنطقة، لافتة إلى أن فيلق الحرس الثوري الإيراني أصبح له نفوذ كبير بالعراق، كما أن إيران استغلت الثورة السورية عام 2011، وأرسلت فيلق القدس للدفاع عن نظام بشار الأسد، وأن هذه الخطوة جاءت بعد أن نجحت إيران في تشكيل حزب الله في لبنان وتبعته بدعم التمرد الحوثي وانقلابه على الشرعية في اليمن، فضلا عن التدخل المستمر في البحرين والعمل على إثارة الفتنة بين أطياف الشعب البحريني.
وحسب الدراسة فقد حرصت إيران على عقد مباحثات سرية مع الولايات المتحدة الأميركية أسفرت عن توقيع اتفاقية "5+1" ورفع كافة القيود الدولية المفروضة على عليها بسبب برنامجها النووي، مشيرة إلى أن إيران استغلت رفع العقوبات لتنفيذ مزيد من الانتهاكات في المنطقة.
فراغ أمني بالعراق
قالت الدراسة إن سحب الولايات المتحدة قواتها من العراق أوجد فراغا أمنيا فيه استغلته إيران، كما أن السياسة الأميركية المرتبكة في سورية ساعدت الإيرانيين على البقاء في سورية ودعم قوات الأسد، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة اعتمدت على السياسة الميكافيلية في تعاملها مع دول الشرق الأوسط، فاتفقت مع موسكو على تجميد الفترة الانتقالية في سورية التي اتفقت عليها كافة أطراف النزاع في مباحثات جنيف، مما أغضب العرب وساعد إيران على بقاء الحرس الثوري في سورية.
ولفتت الدراسة إلى أن الولايات المتحدة تعتمد حاليا على عدم نشر قوات عسكرية في دول المنطقة، والاعتماد على سلاحها الجوي وطائرات دون طيار لسحق أي خطر يهدد مصالحها. مقابل ذلك تشجع السياسة الأميركية دول المنطقة على القيام بحروبها بجيوشها وليس بالجيوش الأميركية، وأنها تمكنت من خلال ذلك من تصدير أسلحة ضخمة لدول المنطقة تقدر بمليارات الدولارات.
خطورة موسكو
حول سياسة روسيا الاتحادية في المنطقة، قالت الدراسة إن سياسة موسكو تعتمد على أمرين الأول إفشال السياسة الأميركية المتبعة منذ الحرب الباردة التي تقوم على تقليل نفوذها في المنطقة لأدنى مستوى على اعتبار أن تلك السياسة تشكل ضررا لمصالحها القومية. أما المبدأ الثاني فيقوم على إثبات أن روسيا هي قوة حازمة لا تتردد عن استخدام القوة العسكرية أو التهديد باستخدامها لحماية مصالحها القومية وأجندتها الدولية. لذلك ينبغي على النظام الدولي الحالي أن يحذر من أنها دولة جريئة لا تتورع عن تحدي النظام الدولي القائم إذا تجاهلها.
سياسة المساومة
أشارت الدراسة إلى أن التدخل العسكري الروسي في سورية أسهم في تعزيز وجود موسكو وطهران في المنطقة، كما أن روسيا لعبت دورا مهما في التوصل للاتفاق النووي مع إيران، مما ساعد على إنهاء عزلتها الدولية. وأضافت الدراسة أن روسيا تستخدم دورها في المنطقة كورقة تساوم فيها مع القوى العالمية في المنطقة. فنتيجة لتلك السياسة قدمت الولايات المتحدة لروسيا تنازلات في سورية، كما قدم الاتحاد الأوروبي تنازلات لموسكو خففت من القيود المفروضة عليها نتيجة ضمها جزيرة القرم، كذلك فإن ابتلاء الاتحاد الأوروبي بمشكلة اللاجئين السوريين والعراقيين وآخرين من مختلف دول العالم للنزوح لمختلف دول الاتحاد الأوروبي من خلال تركيا خدم مصالح موسكو. واختتمت الدراسة بالقول إن كل تلك التطورات في منطقة الشرق الأوسط، بينما تشهد المنطقة حالة استياء شعبي واستقطابا طائفيا وعرقيا ومنافسات إستراتيجية، يعني أنها مقبلة على أزمة جديدة في غاية الخطورة في ظل الأوضاع الحالية.