أجمل سؤال يواجهني عند الاتصال بالهاتف الآلي لبعض شركات القطاع الخاص، هو السؤال الذي يأتي قبيل نهاية المكالمة: "هل تمت خدمتك بالشكل المطلوب"؟

هذا السؤال يجعلك تعتدل في جلستك، وتمسك الهاتف بشكل جيد، وتمط شفتيك!

هذا السؤال يشعرك بأنك إنسان لك قيمتك. لك احترامك وكرامتك ومشاعرك. ولك -وهذا المهم- الحق في الحصول على خدمة لائقة.

يقول أحد الأصدقاء، مع بداية شهر رمضان أردت الحصول على نسخة من معاملة خاصة بي من أرشيف إحدى المؤسسات الحكومية، في منطقة تبعد عن مقر سكني قرابة ألف كيلومتر، فأدركت أنه لا بد من عناء السفر و"شد الحزام"، وقبل الرحلة بيوم جربت أن أتصل بسنترال تلك الجهة؛ ففوجئت بـ"موظف أجودي مطنوخ" يرحب باتصالي، وخدمتي، مؤكدا أنه لا حاجة للسفر والحضور، وأن الأوراق سيتم إرسالها لي على عنواني!

يقول لي، إنني غير مصدّق لما حدث حتى الآن "حلم جميل". اتصال هاتفي لم يستغرق دقيقتين، وفّر عليّ مشوار 2000 كلم ذهابا وإيابا!

دائما أسأل: ما الذي يمتلكه القطاع الرأسمالي الخاص حتى يتطور، ولا تمتلكه القطاعات الحكومية؟!

أليس من الظلم أن يقطع المواطن مسافات طويلة -ربما تقاس بمئات الكيلومترات- بما يحويه الطريق من مفاجآت وحوادث و"بعارين"، كي يحصل أو يستفسر عن ورقة ملقاة على "رف مغبّر"، بينما لو وجد موظفا متجاوبا عبر الهاتف لما احتاج لذلك؟!

لو قمت بقياس مدى الرضا عن الخدمات الهاتفية التي تقدمها مؤسسات الحكومة، في طول البلاد وعرضها، لصدمتك النتيجة!

"هل تمت خدمتك بالشكل المطلوب"؟ هو الذي جعل خدمات القطاعات الخاصة تتطور، فيما بقيت الخدمة كما هي في بعض القطاعات الحكومية!

كان الله في عون آلاف المواطنين الذين يستهلكون صحتهم ومالهم ووقتهم في التردد على أبواب الأجهزة الحكومية لإنجاز معاملة.. في مناخ مزعج، ومدن مزدحمة، وطرق خطرة!