وأنتم تقابلون خلال هذا الأسبوع في واشنطن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، لعلكم تكونوا قد اطلعتم على نتائج قمة الألفية للتنمية، المنعقدة تحت راية منظمتكم في منتصف سبتمبر 2000 بمدينة "جوهانسبرج" في جنوب إفريقيا، والتي اعترفت صراحة بمكانة المملكة المميزة بين دول العالم في تحقيق أعلى مستويات المعونات الإنسانية والمساعدات الإنمائية لدعم الدول النامية والفقيرة بمختلف القارات.

هذه النتائج الواضحة لكل موظف في منظمتكم التي ترأسون أمانتها، أكدت أن مجموع ما قدمته السعودية خلال ربع قرن قبل القمة كان أكثر من 86 مليار دولار، وبنسبة تزيد عن 3.5% من المتوسط السنوي للناتج المحلي الإجمالي للمملكة. وستجدون معاليكم أن المؤتمر أقر بأن هذه النسبة تتخطى كثيراً النسب المحددة في قرارات منظمتكم الدولية، بحيث لا تقل عن 0.7%، وطالبتم الدول الغنية بضرورة الالتزام بها بعد أن أخفقت في تحقيق أكثر من نسبة 0.33% من ناتجها المحلي الإجمالي.

ولعلكم تطلعون معاليكم أيضاً على تقارير منظمتكم الخاصة بالشؤون الإنسانية، التي أوضحت أنه بالرغم من التزاماتها التنموية وتناقص إيراداتها النفطية، استمرت المملكة في تلبية نداء الأمم المتحدة بدعم جهود التنمية في الدول الفقيرة ومساعدتها على مواجهة أخطار الحروب وكوارث الطبيعة من خلال تخصيص نسبة فاقت 3% من الناتج السعودي المحلي الإجمالي خلال العقد الماضي، حيث شملت هذه المساعدات 73 دولة، منها 41 دولة في إفريقيا و23 دولة في آسيا، و9 دول نامية أخرى.

كما أشادت هذه التقارير بمواقف المملكة وتصدرها قائمة الدول المانحة للمساعدات الطوعية لتمويل العمليات الإنسانية أثناء الأزمة المالية العالمية في عام 2008، والموجهة لإغاثة المتضررين من الكوارث الناتجة عن التباطؤ الاقتصادي، من خلال تبرع السعودية السخي بمبلغ مليار دولار أميركي لصندوق مكافحة الفقر، وإسهامها في موازنات 18 مؤسسة تمويل دولية، لتتجاوز ما قدمته المملكة من مساعدات غير مستردة وقروض ميسرة خلال العقود الثلاثة الماضية 100 مليار دولار، استفادت منها 95 دولة نامية.

كما أكدت هذه التقارير أن المملكة أسهمت بكامل حصتها في صندوق مبادرة تخفيف الديون لدى صندوق النقد الدولي، إضافة إلى إعفاء 32 دولة فقيرة من ديونها المستحقة، التي فاقت 6 مليارات دولار، مما دعا البنك الدولي ليؤكد على تربع المملكة قمة نسبة المساعدات الإنمائية إلى الناتج المحلي الإجمالي على الإطلاق من بين الدول المانحة.

ولعلكم تعلمون معاليكم أن المملكة، منذ نشأتها قبل تاريخ ولادة منظمتكم، كانت دائماً سباقة للتجاوب مع المآسي والكوارث التي تحل بأشقائها في كافة أرجاء العالم وتتألم لها وتتجاوب معها، ومن ذلك ما تعرضت له مدينة "ذمار" في اليمن الشقيق عام 1982، حيث بلغ إجمالي ما قدمته المملكة في هذا المجال 120 مليون دولار أميركي، إضافة إلى الإمدادات الطبية والغذائية والخيام والأغطية وإيواء المشردين وتوفير العمل. وتكررت هذه المساهمة لدعم الأشقاء في بنجلاديش والأردن وسلطنة عمان وجنوب اليمن والباكستان وسيريلانكا والهند، حيث بلغ مجموع المساهمات السعودية 260 مليون دولار أميركي، إضافة إلى ما قدمته المملكة لأكثر من 24 دولة إفريقية بالمزيد من المساعدات النقدية والعينية والطبية والأغطية وسيارات الإسعاف والمواد الغذائية الإضافية في مجال الإغاثة بلغت قيمتها 400 مليون دولار أميركي.

واليوم خلال تشرفكم بمقابلة سمو ولي ولي العهد السعودي آمل من معاليكم ألا تتناسوا ما حققه مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أثناء تلبية النداء الإنساني العاجل الذي أطلقته منظمتكم لإغاثة اليمن في سبتمبر 2015، حيث سارع المركز في نفس الشهر للتوقيع على اتفاقية توفير الغذاء والدواء وكافة الاحتياجات الإنسانية مع برنامج الأغذية العالمي بقيمة 143 مليون دولار أميركي كجزء من المساهمة السعودية البالغة 274 مليون دولار أميركي لتخفيف وبال الجوع والمرض على أبناء وأطفال اليمن الشقيق.

ولعلكم لا تتناسون أيضاً التقارير الصادرة عن منظمتكم خلال الربع الأول من العام الجاري، والتي أكدت جميعها على أن المملكة احتلت المركز الأول عالمياً بحجم المساعدات الإنسانية في الفترة ما بين 2005 و2015، حيث قدمت المملكة خلالها مساعدات إنسانية وإغاثية وإنمائية لأكثر من 20 دولة على مدى 10 أعوام، بنسبة فاقت 1.9% من الناتج المحلي السعودي الإجمالي لها، وحازت اليمن على المرتبة الثالثة بعد لبنان والعراق كأكبر 20 دولة متلقية للمساعدات السعودية.

كما أكدت هذه التقارير الموثقة احتلال السعودية المركز الرابع في مجموعة الدول المانحة بعد كل من أميركا وبريطانيا وألمانيا، حيث بلغ إجمالي المساعدات الرسمية الإنمائية السعودية خلال هذه الفترة 78% "منحة إنسانية"، و12% "قرض ميسر"، و5% "تعاون متعدد الأطراف"، و5% "مساهمات مقدمة للمنظمات والمؤسسات الدولية".

واسمحوا لي معاليكم أن أوجه أنظاركم للتقارير المرفوعة من ممثلكم في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالمملكة السيد "أشوك نيقام"، التي أكد فيها على أهمية المساعدات الإنسانية والجهود التعاونية بين الجهات المعنية في المملكة وبرامج الأمم المتحدة، مشدداً على أن ما قدمته المملكة لليمن خلال العام الماضي كان أكثر من 13 برنامجاً إنسانياً، تم خلالها توفير 823 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية و935 طناً من المواد الغذائية، إضافةً إلى تجهيز المستشفيات والمراكز الصحية، التي استفاد منها 10 ملايين مواطن يمني.

وأخيراً أتمنى لمعاليكم مقابلة شيقة في العاصمة الأميركية مع مهندس رؤية المملكة 2030.