قال بروفيسور العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد، فواز جرجس، إن محاولة الانقلاب في تركيا وبعد إحباطها من قبل الحكومة التركية بمساندة شعبية تعتبر فرصة كبيرة للرئيس، رجب إردوغان، لحل بعض الانقسامات الداخلية، مشيرة إلى أن الأحزاب المعارضة في تركيا، التي عارضت إردوغان بشدة دعمت الحكومة المنتخبة ديمقراطيا، وأن ذلك يعتبر فرصة أمام إردوغان لكي يحدث توافقا بينه وبين المعارضة.

وأضاف جرجس في تصريحات إعلامية أن "هذه فرصة أمام إردوغان لفتح فصل جديد، ليس فقط على الصعيد الدولي، بل على الصعيد المحلي أيضا، من خلال نزع فتيل الاختلافات الثقافية والعرقية والأيديولوجية التي كانت مفتوحة في الداخل التركي خلال الأعوام الخمسة الماضية".

وكان وزير العدل التركي، بكير بوزداج، قال أمس في تصريحات إنه جرى اعتقال 6 آلاف شخص، حتى الآن فيما يتصل بمحاولة الانقلاب الفاشلة، متوقعا اعتقال المزيد. وذكرت تقارير في وقت سابق أنه تم عزل 2700 عضو في السلطة القضائية. وتعهد رئيس الوزراء بأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً.



اعتقال غولن

وفيما دعا الرئيس إردوغان الولايات المتحدة إلى اعتقال المعارض فتح الله غولن أو إعادته إلى تركيا، متهما إياه بأنه كان وراء الانقلاب، وصفه بـ"العدو الأول للشعب التركي"، نفى غولن مسؤوليته عن الانقلاب. ورغم اجتماع  مختلف الأحزاب التركية على استنكار الانقلاب، إلا أن هناك بعض المخاوف من ألا تدوم هذه الوحدة. إذ تشعر شخصيات معارضة بالقلق من أن إردوغان ربما وجد هدية وعذراً لتعزيز قوته وتعبئة أنصاره وتضييق الخناق على المعارضة.

مخاوف من الفوضى

وفي ذات السياق، عبرت الصحف البريطانية عن مخاوف من اتجاه تركيا نحو التسلط والفوضى، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة. وقالت إن الأحداث الأخيرة ستكون بوابة لتعزيز سلطات إردوغان، مؤكدة أن تركيا لن تستقر لأن المعارضة التي وقفت ضد الانقلاب لن تسكت عن سلب حقوقها باسم الاستقرار. وأشارت "صنداي تايمز" في افتتاحيتها إلى أن الفرصة تهيأت حاليا لإردوغان لجعل نظامه أكثر تشددا ضد حقوق الإنسان وحرية التعبير، وإن ذلك سيبعد تركيا كثيرا من هدفها في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، لكن حلفاءها في حلف الناتو لن يملكوا إلا أن يلوذوا بالصمت مع وجود قواتهم داخل تركيا. وأضافت أن وقوف القوى السياسية المعارضة ضد الانقلاب سوف يستغله إردوغان لشرعنة تضييقه الخناق، مما يرجح ولوج تركيا حالة من عدم الاستقرار.

العلاقات الخارجية

وأعربت "صنداي تايمز"عن مخاوفها من أن يتجه إردوغان إلى إلقاء اللوم على أوروبا وأميركا واتهامهما بأنهما تقفان وراء محاولة الانقلاب وما ينتج عن ذلك من مخاطر مثل إجهاض الاتفاق بين أنقرة وبروكسل حول اللاجئين. ونقلت عن مصدر دبلوماسي أن الحفاظ على المسار الديمقراطي سيكون على رأس أجندة اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم في بروكسل.

كما قالت صحيفة "إندبندنت"، إن إردوغان سيستخدم القوة لتعزيز سلطته بعد محاولة الانقلاب، مضيفة أن تركيا في طريقها إلى القضاء على حقوق الإنسان والحريات واختزال السلطة القضائية كأداة في يد الحزب الحاكم، مشيرة إلى أنه ليس من المصادفة أن الانقلابيين أعلنوا أن هدفهم هو إعادة النظام الدستوري والديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات وحكم القانون.