اجتماع "بيلدربيرج" هذا العام، وهو اجتماع سنوي سري يُمثل التقاء المال بالسُلطة، يجتمع رؤساء أكبر البنوك وشركات النفط في العالم، ليتحدثوا خلف الأبواب المغلقة مع وزراء ورؤساء وزارات، ومع وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسينجر، ورؤساء سابقين لوكالة الاستخبارات الأميركية، ونظيرتها البريطانية.

في الواقع، إننا لن نعرف شيئاً عمَّا سيدور داخل ذلك الاجتماع الذي يعقد نهاية هذا الأسبوع في مدينة "درسدن" الألمانية، حيث لا يُسمح بالتصوير أو دخول الصحفيين. ربما يرى البعض في ذلك إهانة كبرى للديموقراطية، وربما يطرح الجميع سؤالاً مهماً: ألا يجب علينا أن نطالب بوضع حد لهذه السرية؟

هناك خطر من اجتماع عصبة "بيلدربيرج" التي ربما تجتمع لتخطط للسيطرة على العالم، إلا أن هناك أيضاً احتمالية أن يكون اجتماعهم فرصة لحل بعض القضايا المعقدة، دون أن يعرضوا أنفسهم لضغوط الصحافة.

فكِّر -على سبيل المثال- في حساسية إجراء مناقشة علنية حول مشكلة المخدرات العالمية، أو حتى أن يطرح أحدهم فكرة إيقاف الإرهاب عن طريق التفاوض مع الإرهابيين!

ربما يعقد البعض الكثير من الآمال عندما يسمع بذلك، فقد يُفكر أحدهم في حلول لأزمات، مثل الحروب، وغيرها، من خلال مثل ذلك الاجتماع، إلا أن هذا الأمر ليس متوقعاً، فعلى الرغم من أن تلك الشخصيات تبدو مثيرة للغاية عندما تلتقي بهم للمرة الأولى، إلا أنهم ليسوا كذلك عندما تعرفهم جيداً، وهم شخصيات لا يمكن الاعتماد عليها في مثل هذه الأمور.

هل يجب أن يظل الاجتماع سرياً؟ ربما لا يجب أن ننتظر الكثير من مثل هذا الاجتماع، إلا أن ذلك لا يعني أن نستمر في تغافل أمر الحواجز الأمنية والسرية المفروضة عليه. فلم يزل هناك الكثير لنرى، وهو ما يمكن أن نستنتجه من تصريح وزير الدفاع البريطاني السابق، دينيس هيلي، الذي قال "كنا نسعى لتكوين حكومة عالمية واحدة، هو أمر مبالغ فيه، إلا أنه ليس خطأ بالكامل، فقد شعرنا بأن وجود مجتمع عالمي واحد سيبدو أفضل".

وإننا لا نعرف أيضاً عمَّا إذا كان هناك خلافات في بيلدربيرج، إلا أنها على الأغلب في حال وجودها ستكون محض اختلافات "نرجسية" طفيفة. وإنه على الرغم من أن السفر يُوسع مدارك الإنسان، وعلى الرغم من الأميال الطويلة التي سيقطعها هؤلاء نحو درسدن، لا يبدو في الأساس أن عقولهم قد سافرت بعيداً.

إن هذه النخبة، ربما لا تشغلها مشاكل وحياة الفقراء على الإطلاق، لكن حياتها هي في مجالس الإدارات والوزارات، ليست سوى حياة رفاهية، وإن بيلدربيرج ما هي إلا مكان لتلتقي فيه هذه النخبة، محاولين الوصول للرضا الذاتي عن أنفسهم، في حين يقف البسطاء في الخارج خلف ذلك الحاجز الأمني متمنين أن يتحولوا من مجرد بسطاء إلى سياسيين متمردين.