عندما نتحدث عن الأطفال، فنحن نتحدث عن الجنة! فالأطفال جنة حياتنا وزينتها، قال تعالى (المال والْبَنُون زينه الحياة الدنيا)، لذلك نخاف الإساءة إلى الأطفال في حياتنا، ولكن ما يظهر اليوم عكس ذلك؟
فإن صور الإساءة إلى الأطفال قديمة جداً وتختلف أشكالها، ولكننا نواجه اليوم نوعا جديدا من الإساءة، سببه كثرة الصراعات في العالم العربي وغيرها من الدول التي حملت معها تداعيات خطيرة وسلبية، وهي التجنيد القسري أو الاختياري للأطفال ولأغراض عدوانية غالبا ما لا يفهم الطفل أهدافها، فيكون هو الضحية!
وجميعنا نعرف أن السبب لعدم فهم الأطفال ما يحدث لأنه في مرحلة تكوين أفكاره وفهم حياته دائما يمتثل ويطيع كثيراً أوامر الكبار وينفذ طلباتهم بهدف إرضائهم لأنه بحاجة إليهم، وبدونهم قد لا يستطيع العيش، هذا ما يكون في باله وتصوره.
هنا لابد من طرح السؤال: لماذا يجندون؟ هنا نقول إن القلوب القذرة تستغل انتماء وحاجة الطفل إلى الشخص الراشد كونه دائما يكون مثله الأعلى، وشعور الطفل بالأمان والراحة في تلبية حاجاته الشخصية، ومن الناحية الأخرى يتم استغلال وتجنيد الأطفال لحبهم خوض المغامرة وعدم خوفهم بما أن الأطفال لا توجد لديهم نزعة للوصول إلى المراكز القيادية لعدم توسع مداركهم الثقافية والعلمية والعملية يتم استغلال ذلك؟
الأطفال أبرياء ليس لديهم مطامع في القيادة والسلطة أو المال، وبما أن الأطفال أذكياء فهم سريعو التعلم وتكلفتهم أقل وقد يستخدم كدرع بشري للحد من عدوان الطرف الآخر، كل ذلك أسباب تجعل من داعش والحوثيين والإرهابيين مستغلين للطفولة.
عندما سمعنا أن داعش جندت الأطفال بل جعلتهم يمارسون ما هو في غاية الفظاعة والبشاعة وهو القتل، وكذلك عندما سمعنا أن الحوثيين في اليمن توجد بينهم نسبة عالية من الأطفال المجندين الذين يقاتلون في صفوف القبائل والجيش والجماعات الدينية المسلحة.
عرفنا لماذا يلجأ الطفل إلى قبول التجنيد غالبا ما يكون بدافع الجوع والفقر، كما قرأت وعرفت أنه وجد من خلال بعض الدراسات المسحية أن أكثر الأطفال تجنيداً هم من الفقراء والمهمشين، وفي تقرير للأمم المتحدة عام 2009 أكد أن تجنيد الأطفال قد أصبح ممنهجاً وأكثر شيوعاً.
أي فرد في دول العالم تحت سن الثامنة عشرة هو طفل قاصر، هذا هو السن القانونية للأطفال.
ضاعت أحلام الأطفال وأصبحت ملوثة بغبار داعش وقنابل الحوثين في اليمن، اليوم للأسف الشديد نرى الأطفال يشاركون في الحروب، بدل أن يعيشوا طفولتهم بسلام، ماذا ننتظر غدا من هؤلاء الأطفال؟ الذي ندربه اليوم على القتل والدمار هو نفسه الراشد الذي ستنغرس في قلبه وروحه وسلوكه أول مبادئ العدوان والميل إلى تدمير الآخر.
وأخيرا كل ما أردت قوله إن الأطفال هم رجال المستقبل الواعد، فكيف لطفل تعود رؤية الدم والدماء وتعذيب الأرواح دون رحمة أن يواجه مستقبله، بل كيف يعيش بقية حياته سليما دون أمراض نفسية أو جسدية، ربما من آثار التعذيب التي عانى منها في طفولته، إن التجنيد الإجباري بمثابة سم قاتل.