لا أعتقد وجود من يماري في أن المرحلة التي يمر بها الفكر السعودي الآن، هي من أشد المراحل التي مر بها في تاريخه الحديث والمعاصر صعوبة وقسوة، ومما لا شك فيه أن صعوبتها ناجمة من الطريقة الخاطئة التي يمارسها المتصدرون لواجهة الفكر والتنوير، والذين أخذوا على عاتقهم اقتلاع المتأصل في العقول عن طريق التصادم مع ثوابت البسطاء، وربما معتقداتهم، فأصبح طرفا الصراع الفكري هما النخبة المثقفة والعامة من المجتمع، والذي لم ينتج عنه إلا إثارة الجدل وافتقاد التصحيح.
بينت أحداث السنوات الأخيرة أن الدارجين تحت مسمى النخب المثقفة لا يملكون الشجاعة الكافية لمواجهة نظرائهم المخالفين لآرائهم، بل إن جل ما يستطيعون فعله هو مصادمة الفئة البسيطة فكريا وثقافيا، والتي غالبا ما تكون قد تشربت ما تحمله من ثوابت وتقاليد عن طريق "تأثير الأقران"، وبالتالي يكتسب المتنور صفة النضال دون وجه حق.
في أكثر الأحيان، تكون المرأة السعودية بقضاياها "البئر" الذي يرتوي منه "التنويري" مهنة النضال والدفاع عن الحقوق. إن ما يطرحه هؤلاء "المسولفجية" للأسف يعمل على تشويه القضايا بدلا من معالجتها، والسبب يعود إلى اجتناب أطروحاتهم الأساليب الصحيحة والمتوافقة مع ثقافة مجتمعهم المحافظ، وحينها تصبح المرأة السعودية ضحية المتحدثين باسمها.
تمنياتي أن يكون التوجه حيال تفعيل دور المرأة في شتى الجوانب، وإعطائها حقها المفروض للمشاركة في إدارة عجلة التنمية؛ بوابة مغلقة أمام عطاشى "الهذرة" باسم حقوق المرأة، فما دام للمرأة لسان ناطق وعقل مفكر، دعها تقود شأنها بنفسها دون تشويه لقضيتها ومطالبها، واعلم أن من سمع الله جدالها من فوق سبع سموات كانت امرأة واحدة دون فرقة من الحقوقيين والنشطاء.
أخيرا.. لا أستطيع إخفاء شعوري الغريب، والذي يوحي لي أن من يزاحمون النساء في طرح قضاياهن، هم المؤمنون حقا بنقص عقولهن "بالمعنى اللغوي"!