ينظر معظم الناس إلى العولمة على أنها ظاهرة اقتصادية يعززها انتشار التكنولوجيا، ونمو التجارة، ومواجهة التهديدات التي يتعرض لها عمال كثير من الشركات في الولايات المتحدة، ومعالجة انخفاض الأجور، وعدم التلاعب بأسعار الصرف، ودعم الحكومة لتحقيق ميزة تنافسية نقية، فالعولمة تشمل كل هذه الأمور وأكثر من ذلك. وإذا كان هناك مبدأ نظامي لسياسة للولايات المتحدة الخارجية بعد الحرب الباردة، فهو "العولمة".

وكانت الفكرة العامة عندما تتعامل الدول مع بعضها بعضا، أن تصبح تلك الدول أكثر ثراء -وأن تظهر في البلاد الفقيرة، طبقات متوسطة- وأن تصبح مصالح الدول مترابطة، وأن ينحسر التهديد من حروب كبرى.

وللنظام العالمي الجديد توترات وخلافات، لكن يمكن السيطرة عليها طالما أنها تقع في سياق المصالح المشتركة.

وبعد فوات الأوان، أدركنا أن هذه الرؤية كانت مخيبة ومعيبة. وتبرز توقعاتها غير الواقعية، في 3 عيوب:

أولا: مبالغة العولمة في إمكانية قدرتها على قمع الصراع العرقي والديني والقومي، لكنها فشلت، والشاهد على ذلك نيران الشرق الأوسط.

ثانيا: التفاؤل المفرط في نمو اقتصادي قوي ومطرد. كان من المفترض أن تُصحح الأسواق نفسها بنفسها، وبالتالي تكون فترات هبوط  فوائد الأسهم -الذي لا مفر منه- قصيرة وخفيفة. لكن الأزمة المالية المدمرة في عامي 2008 - 2009 والكساد العظيم خرقت هذه الفرضية.

وأخيرا: أن تكون الفوائد الاقتصادية للمزيد من التجارة والأسواق المالية المفتوحة أكثر وضوحا، كي تتمتع العولمة بدعم سياسي قوي، لكن هذا لم يحدث، مما يُعد فقدانا للسيادة الوطنية. 

وعيوب العولمة لا تعني أن الأفضل أن تقوم القومية مقامها. وزحف "الحمائية" يقلل من الكفاءة التي أنشأتها الأسواق الدولية الكبيرة. وهذا من شأنه أن يحد من إمكان خفض أسعار السلع والخدمات المتداولة. ومن شأنه أيضا أن يعزز مزيدا من النزاعات التجارية، عندما تساعد الدول الشركات المحلية بمزيد من الدعم والحماية.

وعلى الرغم من عيوب العولمة، فقد أسهمت في انخفاض كبير للفقر في جميع أنحاء العالم على مدى ربع القرن الماضي. وعلينا أن نكون أكثر واقعية لحدودها، وينبغي مراقبة نقاط الضعف، لا سيما خطر الانهيارات المالية، وكمبدأ تنظيمي لسياسة الولايات المتحدة الخارجية، لا ينبغي لنا أن نتخلى عن العولمة، حتى يكون لدينا شيء أفضل منها.