من النداءات الإصلاحية إلى الدعوة لإسقاط النظام، شهدت مطالب المعارضة الإيرانية تطورا ملحوظا، نتيجة لعوامل متعددة رافقت نضال المضطهدين، ومنها: تعزيز التحالفات بين المنظمات المعارضة، واتباع النهج السلمي، وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وزيادة انتهاكات النظام.
مرّت منظمة "مجاهدي خلق"، وهي أكبر مكون للمعارضة، بثلاث مراحل؛ إذ كان عليها أن تتخلص من تأثير تحالفها مع نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، وأن تحظى بالاعتراف من أوروبا للخلاص من صبغة التنظيم الإرهابي، بينما تمثلت المرحلة الثالثة في عقد التحالفات مع حركات وتنظيمات معارضة أخرى بعد عام 2009، أي عام "الثورة الخضراء" في إيران. ويرى محللون أن المرحلة الثالثة آتت أكلها، ومهدت الطريق للمطالبة بإسقاط نظام ولاية الفقيه، عبر المنابر الدولية، مشيرين إلى أن المنظمة عانت في المرحلتين الأولى والثانية، خاصة أنها كانت ما تزال تقوم بأعمال عنف في الداخل الإيراني، مستدركين أن ازدياد القمع في البلاد بعد تزوير انتخابات الرئاسة عام 2009، واعتقال المرشحين المنافسين لرجل النظام، محمود نجاد، سهَّل عليها الدخول في المرحلة الثالثة، مرحلة التحالفات، والنضال السلمي.
قرار أوروبي
أدى النهج السلمي الذي اتبعته المعارضة الإيرانية، إلى تغيير في مواقف الدول الأوروبية، فألغت محكمة ابتدائية أوروبية عام 2006 الإجراء الذي اتخذته مجموعة بروكسل، بتجميد أموال جماعة "مجاهدي خلق"، وهي الجناح العسكري للمجلس الوطني للمقاومة، الذي يقع مقره في فرنسا، وذلك بعد أن تخلى عن النشاط العسكري عام 2001. وفي يونيو 2015 أعربت زعيمة المعارضة في الخارج، مريم رجوي، عن أملها بمحاكمة خامئني وبشار الأسد في محكمة الجنايات الدولية، منتقدة النظام الإيراني وما يرتكبه من خروقات في حق المعارضة، خصوصا المواطنين السنة. جاء ذلك في مؤتمر حاشد في باريس، شددت فيه على إخضاع جميع المواقع النووية في إيران إلى التفتيش، مؤكدة أن "نظام ولاية الفقيه يعيش في مأزق". وشددت على أن يكون تغيير النظام بأيدي الإيرانيين، خاصة أن ملايين العائلات تعاني من الفقر، مشيرة في الوقت ذاته، إلى أن طهران ترتكب مجازر ضد أبناء السنة في إيران.
تأثيرات السياسة الدولية
يشير المحللون إلى أن صعوبات المعارضة الإيرانية لم تكن ناتجة من بنيتها الذاتية فحسب، بل إن تردد الدول الأوروبية والولايات المتحدة في احتضانها أو قبولها، بسبب الحرص على تحسين العلاقات مع نظام الملالي، وإنجاح المحادثات النووية، كان له الدور الأكبر في ذلك، مستدركين أن الجميع بات يدرك الآن أن للنظام الإيراني طبيعة لا تتغير، وبخاصة بعد ارتفاع وتيرة العسكرة، وسيطرة الأجندة الأمنية، واعتبار الأميركيين والأوروبيين أن إيران أكبر داعم للإرهاب في العالم. ودأبت المعارضة بعد عام 2009 على إقامة تجمعات حاشدة سنوية في باريس وغيرها، حظيت دائماً بشعبية كبيرة، إضافة إلى اهتمام وسائل الإعلام، كما أن لديها آلاف المواقع ووسائل الاتصال الأخرى، التي تهتم باختراق الداخل الإيراني أو التفاعل معه.