بعيدا عن معاناة المعلمين السنوية مع الإجازة؛ ليس هناك أعظم من وظيفة معلم، بل كل حصة يقضيها مع طلابه هي وقت في الجنة، خاصة أن المعلم المتمكن يستولي على احترام ومحبة طلابه فتفيض قلوبهم بعاطفة تقدير لا يدرك عظمها إلا من عاشها، خاصة في المرحلة الثانوية.
أذكر عندما كنت طالبة أن أحد أساتذتي في كلية التربية كان يقول "اللهم وفق الكلية لتختار عزة معيدة" وكنت أقول "لا.. آمين" فيغضب ويقول لماذا؟ فأقول إن فترة التدريب في المدارس والتي قضيتها مع أهم اسم في تدريب الطالبات على التدريس الدكتورة فوز كردي رسمت مستقبلي. لقد اكتشفت شيئاً داخل الفصول يعرفه المعلمون جيداً، وهو ما يجعل كل معلم متميز يرفض الإشراف أو الإدارة خاصة مع غياب الحوافز.
في الواقع نظام التعليم يجعل المناصب مجرد تغيير شكلي، فمن الممكن أن يكون مستواك وراتبك أعلى من مدير التعليم، فالمعلم الحاصل على الماستر هو على المستوى السادس والكثير من مديري التعليم على الخامس، كما أن المعلم المتميز لديه سلطة داخل المدرسة تكاد تكون أقوى من سلطة المدير نفسه بسبب أن الطلاب لا يهابون ولا يقدرون غيره وحتى زملاءه فهو دليلهم ومستشارهم.
للأسف كان لذلك تأثيره على التعليم بشكل سلبي، فالوزارة قبل فترة بسيطة أعلنت أنها ستسمح لمن تقديره الجامعي مقبول بالترشح للمناصب القيادية بسبب عزوف المعلمين المتميزين عن المناصب القيادية.
في الحقيقة أن قرار الوزارة يثير العجب فلماذا لا تبق معاييرك وتقدم حوافز لمديري المدارس وانتهى الأمر! هناك تأثير خطير لوجود معلم ليست لديه سيرة ذاتية قوية في منصب مدير المدرسة، ونحن كما يقول المثل "عيال قرية كلن يعرف خيه"، فدائما سيتذكر المعلمون أنه أقل منهم كما أنك تغامر بوضعه في منصب قيادي، فماذا تتوقع منه وقد تخرج من تعلمنا بتقدير جيد! شخصيا لا أتوقع منه شيئا أكثر من جيد ونحن في عصر الامتياز.
في الحقيقة هذا المقال آخر مقال عن التعليم هذا العام، حيث يبدأ المعلمون أخيرا إجازتهم فليبارك الله لهم فيها.