يوم الإثنين الماضي أقر مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية إطار الحوكمة لرؤية المملكة الطموحة 2030، ليكون هذا الإطار نموذجاً دولياً مميزاً للبناء والتطوير من خلال تطبيق أفضل الممارسات العالمية في تنفيذ الاستراتيجيات المماثلة، إضافة إلى تعزيز مبادئ الشفافية والمساءلة من خلال إطلاق لوحات إلكترونية لمتابعة مؤشرات قياس الأداء بما يضمن التنفيذ الأمثل للرؤية الطموحة.

وجاء إطار الحوكمة ليؤكد على سعي المملكة الدؤوب لبناء الوطن وترسيخ مبادئ الفاعلية والمسؤولية التي تسعى الرؤية لتطبيقها على جميع المستويات، خاصة أن رسم ملامح الحكومة الفاعلة يأتي من خلال تعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة وتشجيع ثقافة الأداء لتمكين مواردنا وطاقاتنا البشرية، وتهيئة البيئة اللازمة للمواطنين وقطاع الأعمال لتحمل مسؤولياتهم وأخذ زمام المبادرة في مواجهة التحديات واقتناص الفرص.

ولأن إطار الحوكمة يركز على تفصيل أدوار ومسؤوليات الجهات الحكومية ذات العلاقة وآليات العمل المشترك بينها، فإن هذه الحوكمة ستسعى لتذليل العقبات التي قد تعيق تحقيق البرامج التنفيذية لأهداف الرؤية. لذا تم تشكيل لجنة الاستراتيجية برئاسة سمو رئيس المجلس لمتابعة تحقيق الرؤية وترجمتها إلى استراتيجيات مفصلة وبرامج تنفيذية مرتبطة بأهداف محددة ومدد زمنية دقيقة، مع دعم اللجنة بالقدرات البشرية اللازمة لمتابعة تحقيق الأهداف وتحديد الفجوات واقتراح إطلاق البرامج التنفيذية والرفع بالتقارير الدورية عن مدى تحقيق البرامج التنفيذية لأهدافها.

ومن هنا يأتي تأكيد المملكة على أهمية استراتيجية البناء في تنفيذ الرؤية، وتحديد إطار حوكمتها حتى لا تصبح الاستراتيجية رهينة للارتجال والمبادرات غير المنسجمة مع أهدافها، بل لتكون محكومة بالمتابعة الدقيقة وتحديد المسؤوليات.

في المقابل أطلق نظام الملالي قبل شهرين الرؤية الإيرانية الشريرة 2036، وأعلن في إطار حوكمتها ضرورة تصدير الإرهاب والخراب والدمار إلى العالم العربي، وبدأ بوضع هذا الهدف على رأس أولويات الرؤية للحفاظ على النظام السوري وتمكين الميليشيات من إشعال الفتنة الطائفية في المنطقة العربية والإسلامية.

مستشار المرشد الأعلى للشؤون العسكرية، وقائد الحرس الثوري السابق، الجنرال رحيم صفوي تعزيز، تبرع قبل أسبوعين ليشرح استراتيجية الرؤية الإيرانية على مدى الـ20 سنة المقبلة، فشدد على ضرورة دعم ميليشيات حزب الله في لبنان لبلوغه الاكتفاء الذاتي ماليا وعسكريا، ليصبح القوة الكبرى في لبنان، مؤكدا على ضرورة تمكينه من الحفاظ على إمكانياته تحت أي ظرف، في المشهد السياسي اللبناني.

نتيجة لطموحات إيران التخريبية وأهدافها الشيطانية جاء يوم الخميس الماضي التقرير السنوي للخارجية الأميركية عن الإرهاب في العالم والدول الراعية له وعدد ضحاياه. أكد التقرير أن إيران تتصدر اليوم قائمة الدول الأكثر رعاية للإرهاب في العالم من خلال تقديم السلاح والدعم المالي وتجهيز وتدريب الجماعات الإرهابية المصنفة على قائمة الإرهاب، مثل حزب الله اللبناني والميليشيات في العراق وسورية واليمن، التي تسعى جميعها لزعزعة استقرار المنطقة. وأوضح التقرير أن الإرهاب طال 92 دولة خلال العام الماضي 2015 بواسطة 11,774 عملية إرهابية، أدت لمقتل 28,300 شخص.

وجاء التقرير الذي نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" ليؤكد أن إيران تنفق سنويا 6 مليارات دولار أميركي لدعم النظام السوري، وحوالي 150 مليون دولار على حزب الله اللبناني، وقرابة 26 مليون دولار على الميليشيات في سورية والعراق واليمن. وكشفت الصحيفة أن المقاتلين الأفغان في سورية تلقوا تدريباتهم في إيران، حيث يتقاضى هؤلاء المتشددون رواتبهم من طهران، التي تتراوح بين 500 و1000 دولار شهرياً، ليصل مجموع ما تنفقه إيران على الإرهاب 40 مليار دولار أميركي سنوياً.

سعي الرؤية الإيرانية للخراب بدأ منذ قيام الثورة الخمينية، التي توجت بإنشاء الحرس الثوري الإيراني لتعزيز سياساتها المحلية ونشر الفساد والإرهاب والمخدرات في المناطق المجاورة من خلال تدريب وتمويل المنظمات الإرهابية. لذا بادر الحرس الثوري الإيراني بدعوة المنظمات الإرهابية من جميع أنحاء العالم لعقد مؤتمره الشهير في طهران. وضم المؤتمر كلا من الجيش الأحمر الياباني، والجيش السري الأرمني، وحزب العمال الكردستاني، وحزب الدعوة الإسلامية العراقي، والجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، وحزب الله اللبناني، وذلك لغرض توفير التدريب لهذه المنظمات لكي تساعد في زعزعة استقرار دول الخليج وتقديم المساعدة للمسلحين لتحل الفوضى الطائفية محل المجتمعات القائمة.

رؤية الخراب الإيرانية هدفت أيضاً إلى المتاجرة بالمخدرات، ففي الأسبوع الماضي اعترف نائب رئيس دائرة مكافحة المخدرات في إيران "علي رضا جزيني" بأن بلاده تستهلك سنوياً 500 طن من المخدرات. وصرح هذا المسؤول لوكالة الأنباء الإيرانية "ارنا" بأن: "الخسائر الناتجة عن إنتاج وتعاطي المخدرات في إيران بلغت ما يقارب 3 مليارات دولار، وأن 47% من هذه الخسائر تطال المتعاطين، و24% منها خسائر حكومية، بينما 29% من هذه الخسائر تطال المجتمع".

وفي تقرير الأمم المتحدة عن ترويج المخدرات الصادر في نهاية العام الماضي تربعت إيران مرتبة متقدمة لأكثر الدول المُهربة للمخدرات في العالم، لكونها أكبر مشتر للأفيون الأفغاني وأحد أكبر منتجي الهيروين في العالم، حيث تقوم إيران بتصدير 95% من الهيروين إلى أذربيجان و90% من أنواع المخدرات الأخرى إلى العراق وتركيا و62% إلى الدول الخليجية.

وإذا كان العالم سباقاً في منح إيران المركز الأول في تصدير الإرهاب والمخدرات، فعلى شعوبنا العربية والإسلامية أن تعلم الفرق بين رؤية المملكة الطموحة 2030 الهادفة للبناء والتطوير، وبين رؤية إيران الشريرة 2036 المفعمة بالخراب وتصدير الإرهاب.