لوزير التعليم مقال أكثر من عظيم عن المدارس المستقلة، حذر فيه من أن تتحول المدارس المستقلة إلى نكتة الوسط التربوي.

في الحقيقة أن توقع معالي الوزير حدث، لكن ربما في وزارته أكثر مما يتخيل، فوزارة التعليم هذا العام حصلت على درع الدوري في استجلاب نكات تشبه البكاء.

آخرها أن مدير تقنيات التعليم في الجوف وفي خطاب تقاعد موظفة لديه، وهي أمه بالمناسبة -ولا تسألوا كيف، فربما كان لدى الاثنين نفس الاهتمامات والطموحات والطاقات المشتركة، فأنا وعمر مثلاً نحب القراءة في الخيال العلمي- المهم أنه كتب خطاباً عاطفياً عظيماً لو أنه قاله في ملتقاهم الأسري لأبكانا جميعاً، لكنه خطاب حكومي يثير الفزع نظراً لما يشير إلى ما حدث قبل خطاب التقاعد هذا.

في الحقيقة أن هذه الواقعة هي لا شيء إذا تمت مقارنتها بما يعتبر أمراً اعتيادياً في وزارة التعليم، فلا يثير القلق ولا يقومون بتصنيفه، وهو البهرجة والاحتفالية المصاحبة لكل قرار أو مشروع يطلقونه وكأنهم ناد رياضي أو شركة تعلن عن منتج يحتاج للدعاية.

قبل أيام كان آخر احتفالاتهم هذه السنة "أرجو ذلك" وهو الإعلان عن البدء في المرحلة الثالثة للنظام الفصلي الذي اعتبرته الصحف احتفالاً وقد أقيم في فندق 5 نجوم في جدة.

هذا الأمر لا يبدو منطقياً، فوزارة التعليم تعاني من ضعف الميزانية، فبحسب تصريحاتهم 95% تذهب للرواتب ويتبقى 5% فهل يدفعون بهذه الـ5% لفنادق 5 نجوم يدعون إليها إعلاميين ينشرون: قام معالي الوزير بكذا وكذا..!

ثمة استفهامات كثيرة حول هذا التصرف، خاصة أن معالي الوزير رجل تربوي وخريج مرحلة ابتعاث، ويعرف أن المؤسسات التربوية تعلن أخبارها بطرق لا تكلفها شيئاً، فما لديها أولى به الفصول الدراسية وتجهيزات البيئة المدرسية.

نعرف جميعاً أن ثقافة الهدر في سبيل المفطحات موجودة في ثقافة جميع مؤسساتنا والهدف منها معروف، لكن وزارة التعليم بالذات لا تستطيع تغيير نظرة الناس إليها من خلال خبر إعلامي أو كاتب شبع على موائدهم، لأن كل مواطن سعودي لديه في بيته من يخبره عن مدى نجاح هذه الوزارة في عملها، وهم أطفالنا الذين ما زالوا يتعلمون في فصول جرداء إلا من معلمين صادقين.

أتمنى من معالي الوزير أن يسأل عن فاتورة هذا الفندق ويقدم المبلغ لأي شركة تجهيزات مدرسية ليعلم كم كانت هذه الفاتورة ستحدث من فرق في مدارسنا. وعندها سيقتنع -وهو الباحث والمرجع أكاديمياً للباحثين- أن مؤتمراً صغيراً في قاعة من قاعات وزارته تعقبه ضيافة بسيطة كما يحدث في العالم المحترف مهنياً كاف جداً.