كثير ممن يحسبهم القارئ نقادا وهم متصيدو أخطاء يجدون فيما يعرضون من بضاعة متنفسا لهم ووسيلة مداوية لجراهم ولمن هم في مثل حالهم، ممن أخفق يوما ما في حياته العملية أو الأسرية أو حتى الاجتماعية، هو هنا يتنفس من خلال ما يسطره من عبارات أيا كان نوعها ومحتواها، هدفه فقط أن يستمع إليه الآخرون، وكأن لسان حاله يقول دعوني أتنفس قبل أن أموت غرقا.

وكل من وافقه في رأيه تجده في السياق ذاته ويجرفه التيار ذاته، صراعات داخلية وحب ظهور لم يوفق، ولم يجد من صاحب إلا قلمه يسطر له ما يدور في رأسه، قاعدته ليس شرطا لمن يأمر بالمعروف أن يأتيه، هو ملاحظ جيد ومتربص فطن لكل ما يدور من حوله ليجد مبتغاه وما يصبو إليه.

كثيرة هي الأسماء الصريحة أو المتخفية في مواقع التواصل الاجتماعي لا تهدف إلى إيجاد الحقيقة وتصحيح الملاحظات والأخطاء، بل الأسود تصطاد والضباع تقتات، ونعلم أن كل من يعمل لا بد أن يخطئ، وهذه سمة البشر، والعمل البشري الذي لا يصل إلى درجة الكمال المطلق، فكل من عمل نجح وفرح بما حقق من إنجاز، أما أخطاؤه فلا يهتم لها، فهناك من يقتات عليها ويحتفل بها ويكرمها ويظهرها للمجتمع، المجتمع الذي وصل إلى درجة عالية من الثقافة والتميز بين الغث والسمين، ليوازي بين الإنجاز والأخطاء.

ولكن!! وبعيدا عن كل ما يعكر صفونا من كلمات لا تروق لنا دعونا نستمع لما يقولون وماذا يريدون! طلباتهم ليست بالمستحيلة وقدراتهم لا يستهان بها، يمكن أن نجعل منهم لبنة صالحة لبناء هذا المجتمع، علينا أن نعطيهم المساحة التي تظهرهم، وبدلا من أن نجعلهم في موقف المعادي نجعلهم في بناء الأيادي، فذاك قائد سلبت منه قيادته يوما ما، وذاك موظف أخفق فوضع جانبا وهمش دوره، ليتخفى في قناع ليس له لأخذ حقه ويجلد من جلده، لنستمع لما يريدون من خلال ما يسطرون من عبارات هي تصريح لما يدور بداخلهم، وجميعهم بصوت واحد إني أغرق... فدعوني أتنفس.