أمر غريب أصبح منتشرا في مجتمعنا، ويستحق أن نتأمله بشدة، وهو "غربة الأسرة في مجتمعنا"، فأصبحنا نرى الأم وا?ب لا يهتمان بأبنائهما الصغار كما هي عاداتنا على مر العصور، وأصبح الأم والأب يهملان أطفالهما بشكل شبه كامل ويخضعان ويلبيان رغباتهم بشكل مطلق مدمر دون توجيه، فأصبح الطفل يجلس على الجوال فترات طويلة قد تصل إلى ساعات ويشاهد أي شيء وكل شيء حتى المؤذي له كطفل والجارح لطفولته، وأيضا قد يلعب معظم الألعاب التي لا تخلو من العنف، وقد تبتعد عن الأدب وعن الأخلاق الحميدة دون أي مراقبة من الأبوين، فهل هذا معقول؟!

فالأم لانشغالها بحياتها الخاصة وبوسائل التواصل، خاصة الواتساب أو الفيسبوك، قد تترك طفلها يلعب في الجوال ساعات طويلة حتى لا يزعجها في متعتها التي نسميها متاهاتها.

ونرى الأسرة قد فقدت هويتها الفعلية بافتقادها لغة الحوار بين ا?ب والأم والأبناء، وفقدت مفهوم الأخوة، فأصبحنا نعيش كأسرة تحت سقف بيت واحد، وكأننا أغراب، فالجميع موجود في مكان واحد ولكن كل منهم مشغول مع نفسه، وفي علاقاته الخاصة وتواصله الخاص، ولا يدري ماذا يدور حوله في بيته الذي يقيم فيه.

أصبحنا نعيش في غربة مع أنفسنا وعائلتنا، رغم أننا تحت سقف بيت واحد وذلك مؤلم، مما أدى إلى الانحدار الأخلاقي للأبناء، مما جعلهم أيضا فريسة سهلة لاعتناق الأفكار الضالة والهدامة "الداعشية" التي تجعل من الأخ يقتل أخاه أو ابن عمه أو حتى أمه وأبيه.. وتلك مصيبة كبرى سببها الاغتراب الأسري.

أيها الأب وأيتها الأم كما تزرعون اليوم في أبنائكم الشيء الجميل تحصدونه غدا، فأحسنوا الزرع والتربية فيهم حتى يحسنوا الحصاد فيكم وفي مجتمعهم، وأيضا يحسنون إليكم في كبركم وعند شيخوختكم.