عبر عدد من المسرحيين والمهتمين بالشأن المسرحي والفنون التشكيلية لـ"الوطن"، عن تذمرهم مما أسموه ضعفا وتدهورا كبيرا على مستوى الاهتمام بالمسرح والفن التشكيلي والموسيقي في جازان على حساب فنون أخرى تهتم بالرقص، على الرغم من وفرة المبدعين والمواهب الفنية على اختلاف توجهاتها، واصفين الوضع بالمتردي، ومحملين فرع جمعية الثقافة والفنون ومديرها مسؤولية هذا التدهور.
عيد بلا فعاليات
كشف المسرحي "جلال جيلاني" لـ"الوطن" أن جمعية الثقافة والفنون بجازان غائبة هذا الموسم عن أي حراك فني خلال العيد قائلا: الفنانون والفنانات في جازان يطمحون إلى إيجاد مسرح ومشاركات محلية ودولية، أسوة ببقية فروع الجمعيات في المملكة التي قدمت برامجها لهذه المناسبة وغيرها.
وتضمن هذا الغياب الحراك المسرحي والتشكيلي والفنون الشعبية، وهو ما فتح جدلا بين عدد من الفنانين عبر مواقع التواصل، مما دفع بمدير الجمعية إلى تبرير ذلك بحجة موسم الغبار الذي تشهده المنطقة، مطالبا بعمل استبيان يرصد نشاط الجمعية أخيرا لتتضح الصورة للجميع. فقد كان حضور الأعمال الفنية للجمعية قبل سنوات ذا أثر وحضور كبير في مهرجانات محلية ودولية وحققت جوائز مختلفة.
متسائلا عن عدم إعلان جمعية جازان عن برامجها للعيد كبقية الجمعيات في المملكة، وتصر على فرض رأيها حتى أصبحت لا تقدم شيئا يذكر، وأن مبناها قد تحول إلى مبنى أشباح مهجور، على حد قوله.
جمعية للرقص
بين الفنان التشكيلي المخضرم علي ناجع: إن ما يسجل على فرع جمعية الثقافة والفنون بجازان منذ إنشائه، ميله إلى الاحتفالات الكرنفالية الراقصة التي تهتم بفرق الرقص الفلكلوري على حساب بقية الفنون، ولذا فلا غرابة أن تستمر عملية تهميش الفنون الأخرى أو التقليل من شأنها، وهذا مفهوم قاصر لماهية الفنون التي تغلب نشاطي المسرح والفنون الشعبية، ويؤكد ذلك قراءه إحصائية لأنشطة الجمعية، نتيجة عدم وجود مؤسسات للمسرح والنشاط الشعبي والغنائي. وهو ما ألقى بالتشكيل وفروعه خارج حساباتها، ليظهر وكأنه لا ينتمي للفنون في الأصل.
وأصبح من سوء حظنا ألا يأتي مسؤول عن الفرع إلا مستلقيا بشكل كامل داخل النشاط الشعبي، أو من عشاقه والمهتمين به، أو ميله إلى النشاط المسرحي.
وأضاف الحق يقال إنه ليس بمقدور مدير إحداث تغيير جذري بهذا المفهوم، ما لم يتم تصحيح مفهوم الفنون من خلال النظم والتعليمات والرؤية لها، كثقافة وفن من جذورها الأولية والأساسية.
إبعاد دخلاء المسرح
قال المؤلف المسرحي عبدالله عقيل لـ"الوطن" غابت جمعية الثقافة والفنون فرع جازان عن هذا الحراك الفني والثقافي وأصبحت مجرد مبنى من مباني الحي.
لا شك أن مدير فرع الجمعية عبدالرحمن موكلي يتحمل جزءا من انحدار مسرح الجمعية للحضيض، وذلك بإبقائه على بعض المنتسبين، خاصة في المسرح، ولم يسارع لتغييرهم، مع أن المنطقة تعج بالمسرحيين أصحاب رؤية وثقافة مسرحية بإمكانهم انتشاله والارتقاء به، وأستطيع أن أكتب له قائمة بأكثر من عشرة أشخاص بإمكانهم قيادة مسرح الجمعية. هذا أول الخلل، ويأتي في المرتبة الثانية عدم استطاعة الفرع إنتاج عروض مسرحية، وذلك لعدم توافر الميزانية كما "يقال لنا دائما".
وقد دعاني مدير الجمعية الحالي قبل أيام مشكورا، وحين نقلتها للمسرحيين لم تجد الدعوة ترحيبا في الوسط المسرحي، وأعتقد أن السبب الأول وجود فجوة كبيرة بين قسم المسرح داخل الجمعية والمسرحيين، وهذا ما سيجعل إنتاج عمل متميز وناجح داخل الفرع في هذا الوقت مغامرة كبيرة قد لا تكلل بالنجاح.
موقعنا غير مؤهل
أوضح مدير فرع الجمعية العربية لثقافة والفنون الشاعر عبدالرحمن موكلي لـ"الوطن" أن الجمعية تعمل وفق ميزانية سنوية، ومن خلال هذه الميزانية يتم العمل في المسرح وغيره من الأنشطة الثقافية والفنية الأخرى، موضحا أن حراك الجمعيات الأخرى في بعض مناطق المملكة أتى نتيجة بناء هذه الجمعيات لنفسها منذ سنين، عبر شراكات مختلفة، وأنها تملك مسارح خاصة بها، مما يجعلها قادرة على تنفيذ أي برنامج بأقل التكاليف، ونحن في فرع جمعية الثقافة والفنون بجازان، نعاني سوء الموقع الحالي الكائن داخل حارة ضيقة لا تتوافر به أقل اللوازم الضرورية لعمل دورات متكاملة، فكيف بنشاط مسرحي؟
مذكرا بأن هناك مسرحية ضمن فعاليات عيد الفطر المبارك، تقدمها أمانة جازان، وتعرض لمدة ثلاثة أيام، ويرى "الموكلي" أنه من غير اللائق تقديم عملين مسرحيين في وقت واحد، مشيرا إلى أن الجمعية في عيد الأضحى الماضي قدمت مسرحية، إلا أنه قال: من الممكن أن نقدم مسرحية في عيد الأضحى القادم إذا تهيأت الظروف.وأكد الموكلي في حديثه أن الجمعية بيت الفنانين ومقرهم، ومديرها اليوم موجود وغدا لن يكون موجودا ربما، والفنان الحقيقي الذي يحمل الفن كقضية، يخلق فضاءه الخاص، ويصنع المستحيل من أجل التواجد على ساحة المسرح، بعيدا عن قضية المردود المادي من عدمه.
أما ما يخص الاهتمام بالفنون التشكيلية فهي موجودة في حدود قدرات الجمعية وميزانيتها، وليست لدينا صالات عرض تتسع لاستضافة معارض واسعة المشاركة، وخططنا الآن بالدرجة الأولى إصلاحية داخل آلية عمل الجمعية، ونأمل أن تتغير أشياء كثيرة مع الرؤية الجديدة للمملكة 2030، ونسعى إلى صنع مجموعات متمكنة فنيا وثقافيا، تمثل الفن الجميل وتعكس جازان بما فيها من تنوع وتاريخ، وليس مجرد اجتهادات فردية.