في مؤتمر التعليم الأخير الذي تابعناه كمهتمين بالتعليم عبر القناة التي وضعوها مشكورين، ظهر أحد مسؤولي التعليم وتحدث عن المدارس المستقلة واستحداثها في السعودية، وهي نوع من المدارس تستقل في كل شيء عن وزارة التعليم.
في الحقيقة، كان الخبر صادما لي، فبريطانيا حتى تصل إلى المدارس المستقلة قضت ما يقارب العشرين عاما، تطبق فلسفة تعتمد على منح الحريات التي تؤدي إلى النهوض بالاقتصاد Neoliberalism، بل إن قطر طبقت المدارس المستقلة وفشلت، لأن معناها أن يأت مستثمر ويفتتح مدرسة ويعلم الإلحاد فيها، ولا تستطيع الوزارة منعه لأنها مدرسة مستقلة، فماذا ستفعل السعودية وهي البلد الذي تسيره شريعة الله عز وجل، ولا تقبل بانفلات الحريات؟.
طبعا، المسؤول الذي ذكر في المؤتمر خبر المدارس المستقلة، لم يردّ على مستثمر ذكي سأله سؤالا يشبه ما عرضته فوق ومضى، لأن الغرض من مثل هذه الأخبار هو الادعاء أن تعليمنا تطور حتى وصل إلى المدارس المستقلة، وبالطبع لن يسأل أحد عن هذا التطور، أو يتابع المشاريع، أو يطلب النتائج، أو يعاقب عندما يفشل نظامنا التعليمي في انتشالنا من أسفل الريت العالمي، ويصعد بنا إلى مستويات على الأقل تساوي ما تقدمه حكومتنا من أموال للتعليم.
هناك ثقافة أصبحت ملازمة للقائمين على تعليمنا اليوم، وهي ما يسمى عاميا "الهياط"، ليس آخر أمثلتها الادعاء بأننا سنسمح بالمدارس المستقلة، فلقد سبقها ما يسمى بالنظام الفصلي، وهو نسخ ولصق للنظام الجامعي، مع عدم مراعاة للفارق بين البيئتين، وساعات العمل، ووجود المكتبات، مما أدى إلى إرهاق المعلمين والآباء بمشاريع وواجبات تتم غالبا على يد تجار البحوث في المكتبات.
مثال آخر، هو التباهي بنجاحات فردية لطلابنا في الأولمبياد، وعدم إظهار حقيقة أنه خلق لهم نظام تعليمي خاص بهم، بساعات أكثر يقضونها مع الرياضيات والعلوم، وليست موجودة في نظام التعليم السعودي.
إن التعليم السعودي لن يتقدم خطوة واحدة دون مراقبة حقيقية، ودون نظام حقيقي للإصلاح وليس التطوير، فليس لدينا شيء يطور بل شيء يجب العمل على إصلاحه ليستقيم. ثم نفكر بعده في مسألة التطوير.