لا شك أن هذه الدولة التي اتصف عهد قائدها بالحزم واتخاذ المواقف الجادة ساعة اللحظة، وهو ما أصبح العالم يحسب ألف حساب للمملكة العربية السعودية، ولقيادتها على مر تاريخها، خصوصا بعد المواقف الأخيرة في عهد سلمان الحزم، نجد أننا أمام مواقف شجاعة يقف له الإنسان احتراما، وينبئ عن حزم في القرار.
من هذه المواقف، تلك التوجهات الموفقة التي سارت عليها وزارة الحج والعمرة، باسمها الجديد وموقفها الشجاع، من تعنت إيران وعدم توقيعها على الاتفاقية السنوية بين المملكة وإيران، وسائر البلاد الإسلامية الأخرى التي يصل منها وفود الرحمن، وذلك لحاجة في نفس يعقوب يدركها العقلاء ممن تابعوا هذا الموقف الشاذ لحكومة إيران، وهو ظاهر للعيان على مر تاريخ الحكومة الخمينية والصفوية التي وصلت إلى السلطة عام 1979، والمتتبع لنشاط إيران الخارجي يلاحظ هذه المواقف الغريبة والشاذة للملالي في طهران، بدءا من الحرب العراقية الإيرانية، ومرورا باغتيالات أهل السنة في إيران، وتفجيرات مكة، وشغب عام 1986 في أحداث الحج، واكتشاف المتفجرات في طائرات إيرانية قدمت إلى السعودية.
ولهذا تنبهت مشكورة وزارة الحج والعمرة إلى تفعيل وتدقيق الاتفاقية مع إيران وغيرها من الدول الإسلامية التي وقعت على وثيقة عمان خلال مؤتمر وزراء الخارجية للدول الإسلامية عام 1988، والاجتماع السنوي مع رؤساء بعثات الحج، وإشعارهم بالتعليمات كل عام دون محاباة أو مجاملة، إلا أن طغيان وصلف إيران وتسلط الملالي أمر مستغرب، إذ رفضت الاتفاقية ثم تنادي الآن بالموافقة على شروطها مع تحفظات على بعضها، وكما تريد هي لا كما تريده الأنظمة الخاصة بالحج والحجاج.
واللافت للنظر وعبر تاريخ الخمينية، أن كل عام يصل الحجاج باصطفاء معظمهم من الحرس الثوري، وانتقاء وتمييز للحجاج دون إعطاء الفرصة للآخرين، وهذا ما جعل المملكة تنفذ الاتفاقية بكل معانيها، والتفرغ التام للعبادة وعدم الشغب، والشعارات التي تصرف العبادة عن مفهومها الصحيح، وتعتقد أنها الأوحد في الميدان، وتناست قبلة المسلمين أنها مكة المكرمة، وليست قم وطهران، ولهذا تنادى كل مسلم على وجه الأرض أن حيل إيران وبعثات حجها لا تنطلي على كل مسلم غيور على الحجاج المسلمين من أقاصي الدنيا إلى حزام الكعبة الطاهرة، دفاعا عن الإسلام وأهله.
واليوم، إذ تعلن وزارة الحج والعمرة من هذا المنطلق وبقوة وحزم في عصر الحزم، أن لا هوادة مع ألاعيب إيران وادعاءتها الكاذبة، ولهذا رفضت الاتفاقية إلا بحذف بعض بنودها، والحرص على إثارة المشكلات، وصرف نظر المسلمين عن الفريضة التي جعلها الله سكينة وأمنا في البيت العتيق، وإذا كان هذا ينطبق على الحج فمن باب أولى حرمة رمضان وأشهر الحج إلى يوم الحج الأكبر، والأمن وحدة متكاملة، وأرض المقدسات محفوظة بتأكيد القرآن على ذلك بقوله: "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا".
وهنا، أسجل رسالة شكر على هذا الموقف الحازم لوزارة الحج والعمرة، في بداية عهد تولي وزيرها معالي الدكتور محمد صالح بنتن ومعاونيه، في مستهل أعمال وزارة تحمل على عاتقها مسؤولية الحجاج والمعتمرين والزوار، تلبي خلال عملها رسالة الدولة السعودية التي تدرك أهمية المحافظة على الحرمين وزوارهما، وترسل رسالة قوية إلى إيران، أن لكل مسلم حقا في زيارة البيت الحرام والمدينة المنورة، ولكن بأدب واحترام للمكان والزمان ولأهل البيت الذين شرفهم الله بخدمة الحرمين الشريفين.
وفق الله جهودكم، وسدد خطى هذه الوزارة التي تُعنى بالحرمين وقاصديهما.. وفعلا إنه عام الحزم والقوة يا ملكنا سلمان.