لم يكن لدى جلال الشرقاوي حدس جيد بما سيؤول إليه حال المعلم المصري في الوقت الذي قرر إخراج مسرحية "مدرسة المشاغبين"، فعلى على إثر ما قدمته هذه المسرحية من سخرية لرموز السلطة، المتمثلة في المعلمة والناظر، أصبح لدى الطلاب شعور عام بالقابلية للفوضى وانحطاط المستوى الأدبي واكتساب جرأة غير معتادة، للتقليل من شأن المعلمين.
أجزم أن الرسائل المقدمة في قالب كوميدي ساخر، تكون أقرب للاستيعاب والفهم، خصوصا في عقول الأطفال والمراهقين، وربما يتضح ذلك مما تسببت فيه شخصية "فؤاد" التي قدمها الممثل القدير -ناصر القصبي- من ترسيخ خاطئ للهجة الحجازية في أذهان سكان المناطق الأخرى.
اليوم، وحتى مع سهولة وتعدد وسائل توصيل المواد الساخرة إلى الجمهور، ما تزال الكوميديا "الخالية من الابتذال" حكرا على بعض الشخصيات "المفطورة" على هذه الموهبة، مما جعل بعض "المتكومدين" يتخذون المسار البعيد كل البعد عن الرقي في الطرح، فيعمدون إلى إقحام "الإباحية" و"الانحطاط" في تقديم عروضهم، رغبة في تحقيق الشهرة السريعة دون النظر إلى طبيعة المجتمع المتلقي، والفئات السنية التي ستلتقط هذا المحتوى.
كنت وما زلت أحد المطالبين بدعم الشباب الموهوبين في كل المجالات، وتقديمهم في المهرجانات الوطنية والملتقيات، إلا أن الدعم المنشود يتطلب الرقابة والتنقيح للمواهب، خصوصا تلك الموجهة لفئة المراهقين، سواء على مستوى العروض المسرحية أو برامج الإعلام الجديد "يوتيوب"، والذي يتبين من أشهر برامجه وأكثرها تأثيرا على الشباب في السعودية "التمساح"، افتقاده أي نوع من أنواع الرقابة!
عند تسليط الضوء على الجانب الاجتماعي العام، أجد أن المجالس "الشبابية" الأكثر نشاطا ومتعة هي المجالس التي تحوي "مهرج" أو أكثر ممن لا تخلو نكاتهم من الإباحية والسخف. أما ما دون ذلك، فروادها مجرد أجساد صامتة منحنية على أجهزة الجوالات أقرب ما يقال في وصفها: إنها "أعجاز نخل خاوية"، فهل نحن بخير؟!