مع كل نهاية فصل دراسي تحدث قصة، وهي في حد ذاتها ليست طبيعية أو عادية، بل تكمن خطورتها تحديدا في جعلها طبيعية أو عادية! وإلا هل وصلت الاستهانة بالتعليم إلى درجة تسريب الاختبارات النهائية وإرسالها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، هكذا وبكل سهولة؟ هل انعدمت الرقابة والتوجيه إلى هذا الحد الذي يغري البعض بكسر كل اللوائح والقوانين والإقدام على عرض الأسئلة التي سيمتحن فيها الطلبة مع حلها قبل دخولهم لجان الامتحانات بـ24 ساعة؟ هل يعقل أن عددا كبيرا من محافظات المملكة يشهد تسريبا لأسئلة الاختبارات المركزية للمرحلة المتوسطة وفي أكثر من مادة؟، ولك أن تنظر إلى الأسئلة البديلة التي تم وضعها خلال وقت قصير، إذ لم تخل هذه الأسئلة من أخطاء في الصياغة، وأخرى تتعلق بعدم شموليتها المنهج!

ربما يقول قائل: إنه أمر طبيعي، وهل تتخيل أن الأمانة الوظيفية موجودة في كل مدارس التعليم العام؟ وهنا تتجلى المشكلة في طبيعية واعتيادية هذا الفعل، وكأنه يريد القول كما هو حال "الواسطة" لدينا في البلد، كفعل طبيعي ومعتاد تماما بل متوقعا جدا، فلا غضاضة ولا غرابة إذن في تسريب الاختبارات!

إنني أتساءل: كيف ومتى تغلغل هذا الفساد الفكري؟ وإلى أي عمق وصل أن انتشر فعل كهذا وأصبح طبيعيا؟ كيف يُسمح باختراق النزاهة الأكاديمية في أصغر تفاصيلها؟

وزارات التعليم في الدول المتقدمة حريصة على مقاتلة الفساد ودحره ونحره. السؤال: ما الإجراءات التي اتخذتها وزارة التعليم في التعامل مع قضية تسريب الامتحانات؟

الجواب في هذا الخبر الصحفي "تعكف وزارة التعليم على تشكيل لجنة لتقويم مراحل تطبيق الإطار العام لتجويد الاختبارات، خاصة بعد أن سجل عدد من إدارات التعليم تسريبا لأسئلة الاختبارات المركزية للمرحلة المتوسطة خلال الأيام الماضية".

وهنا أسأل معالي وزير التعليم بعض الأسئلة:

-1 ما مدى صحة ما ورد في هذه الأخبار الصحفية؟ وهل فتحت الوزارة تحقيقات في هذا الصدد؟ وإلى أين وصلت تلك التحقيقات؟ وهل أبلغت وزارة الداخلية بذلك الأمر؟

-2 هل تم تحديد المسؤولين والجهات التي قامت بتسريب الاختبارات، وما الإجراءات القانونية التي اتخذت بحقهم؟

-3 من المعلوم أن الاختبارات تكون مغلفة بإحكام فكيف تم التسريب؟ وكم عدد حالات تسريب الاختبارات في مناطق المملكة؟ وكم عدد لجان التحقيق التي شكلت؟

4 – نعلم جميعا بعودة الاختبارات المركزية التي شهدتها المدارس في المرحلة المتوسطة بعد 8 أعوام من إلغاء وزارة التعليم الأسئلة المركزية لطلاب المرحلة الثانوية، وسؤالي هنا: هل حادثة تسريب الاختبارات حالة جديدة؟ أم أنها كانت موجودة في الماضي؟

-5 هل ثبت تورط قياديين تربويين في تسريب الاختبارات؟ وهل أحيل عاملون في الوزارة إلى التحقيقات في قضايا تسريب سابقة؟

-6 ما الآلية الجديدة التي ستمنع تسريب الاختبارات؟

ما حدث نهاية هذا العام وفي أكثر من منطقة في المملكة، يجعل القضية تستحق الاهتمام، ليس لأنها قضية تسريب اختبارات، بل لأنها تضع حجرا آخر في بناية الفساد في قواعدنا الاجتماعية والأخلاقية.