يسألني مذيع القناة الفضائية: ما رأيك بقرار وزارة التعليم بالتحول بدءاً من العام القادم إلى النظام الفصلي بدلاً من السنوي، عبر نظام المقررات الذي يجري تطبيقه الآن في عدد محدود من المدارس؟ قلت له: لست بالخبير في الأنظمة الإدارية ولا حتى التربوية، وقد يكون القرار ناجعاً مفيداً، ومع هذا أخشى ما يلي: أن يكون القرار بصمة الشخص الأوحد في فرد معالي الوزير. وعندها سيصبح التعليم ضحية التغيير السريع للأفراد، فنحن كنا أمام خمسة وزراء في خمسة أعوام، ولكل شيخ منهم طريقته ومنهجه. أنا لست مع الرأي الفردي في قضية عامة مثل التعليم، وكان من المفترض وقبل عدة عقود من الزمن، أن تكون لنا سياسة واضحة مع التعليم برؤية وهدف محددين لا يستطيع معهما الوزير الفرد أن يضع بصمته إلا بنسبة صغيرة محددة.

وخذ في المثال التقريبي، مشروعنا الصحي الوطني، لشرح بعض ما أقصده في النصف الأول من المقال: بضعة وزراء لأقل من ذات "عددهم" من السنوات وكلهم أهل ثقة ومسؤولية ولكن مرة أخرى: لكل وزير منهم منهجه ورؤيته التي تختلف عن سابقه، وبالطبع عن الذي يليه، ولهذا ظل جهاز الصحة محطة تجارب لفكرة الشخص الفرد. وزير يرى أن الحل يكمن في الخصخصة، وآخر يرى أن الإنقاذ يكمن في فكرة التأمين. ثالث يرى أن التركيز على الرعاية الصحية الأولية أهم من فكرة بناء المشافي التحويلية المتخصصة، ورابع يرى أن برامج الأسرة وطب المجتمع هي السد العالي الذي سيقضي على هذا التدفق الهائل إلى المستشفيات. وكلها أفكار عمل تتعارض مع بعضها البعض ومحطات استلاب واستلاف من التجارب لهذه الدولة الغربية أو تلك.

وكل ما أقصد، ليس إلا إعادة التركيز على جملة قصيرة وردت في قلب هذا المقال: نحن نريد برامج ومشاريع وأفكارا ثابتة لا يتبدل جلدها بالكامل مع الإطلالة الجديدة لوزير جديد. نعم نحن نريد بصمة معاليه على ذات الفكرة والمشروع، ولكن بنسبة بسيطة تسمح بالترميم، ولكن ليس بالإزالة الكاملة أو الهد. بكل الاختصار آمل ألا تكون مشاريعنا الوطنية الكبرى أسيرة المصطلح: one man show