بينما تجاوز عدد سكان العالم خلال العام الجاري 7 مليارات نسمة وبنمو سنوي يزيد عن 3%، انخفض إجمالي الناتج العالمي إلى 74 تريليون دولار، وأصبحت147 شركة دولية تعمل في قطاع الخدمات المالية تمسك بزمام 40% من الاقتصاد العالمي، وتتركز أغلبها في الدول المتقدمة.
وبينما فاق مجموع ثروات أغنياء العالم 125 تريليون دولار خلال العام الماضي، وزاد عدد الذين يملك كل واحد منهم أكثر من مليار دولار إلى 1210، تضاعف عدد الأثرياء في الصين من 45 إلى 115، وارتفع عددهم في روسيا إلى 31 غنياً، وهذه هي المرة الأولى منذ عشر سنوات التي يزداد عدد الأثرياء في قارة آسيا عن نظرائهم في أوروبا في انتقال مثير للثروة.
وفقا لتقرير "مجموعة بوسطن الاستشارية"، ارتفع عدد الأثرياء في العالم بنسبة 12% بحلول نهاية العام المنصرم، وحققت استثماراتهم في الأسهم المرتبة الأولى بنسبة 33% تليها استثماراتهم في العقار بنسبة 29% ثم في الخدمات بنسبة 14%. وجاءت أميركا في مقدمة دول العالم لأكبر شريحة من الأثرياء، لترتفع نسبتهم إلى 29% من عدد أثرياء في العالم، بينما جاءت الصين في المرتبة الثانية بنسبة 10%، ثم أثرياء أوروبا بنسبة 6%، واحتلت سنغافورة المرتبة الأولى في كثافة الأثرياء، وبنسبة فاقت 15% من عدد السكان.
وفي الوقت الذي أنفق أغنياء العالم خلال العام الماضي47 مليار دولار لشراء منتجات التجميل و66 ملياراً لتناول الآيس كريم و81 ملياراً لشراء العطور و93 ملياراً لأغذية الحيوانات الأليفة و154 ملياراً لشراء السجائر و212 ملياراً لتعاطي المشروبات الكحولية و400 مليار لشراء المخدرات، لا زالت الشعوب الفقيرة تحتاج إلى 6 مليارات دولار لتوفير التعليم الأساسي و9 مليارات للصرف الصحي و12 ملياراً لتوفير الرعاية الصحية و13 ملياراً للحصول على الغذاء الضروري.
لذا وصل عدد فقراء العالم في العام المنصرم إلى 1,2 مليار نسمة، يعيش كل واحد منهم على أقل من دولار واحد في اليوم للبقاء على قيد الحياة، ومات منهم 6 ملايين طفل من سوء التغذية قبل بلوغهم سن الخامسة، بينما ذهب أكثر من 300 مليون طفل إلى النوم جوعى كل يوم. وهنالك أكثر من 2,6 مليار نسمة، أي أكثر من 40% من سكان العالم، ليس لديهم مرافق الصرف الصحي الأساسية، وأكثر من مليار نسمة لا يملكون مصادر مأمونة لمياه الشرب، مما يؤدي إلى وفاة 5 ملايين طفل كل عام بسبب الأمراض التي تنقلها المياه.
هذه المؤشرات الخطيرة الصادرة عن المؤسسات المالية العالمية أوضحت أن معظم ثروات أغنياء العالم في الدول المتقدمة كانت ناتجة عن استثماراتهم في الممتلكات العقارية والأصول التقنية الثابتة والمؤسسات المالية والقطاعات الخدمية. كما أكدت هذه المؤشرات أن 2% من عائلات العالم تملك أكثر من نصف ثروات القطاع الخاص العالمي، و1% من هذه العائلات تملك بمفردها 35% من الأصول العالمية، التي تعادل 57% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي لحوالي 63 دولة من الدول الأكثر فقراً في العالم. وفقاً لتقرير التنمية البشرية للعام المنصرم، شهدت الدول العربية تبايناً كبيراً في معدل انتشار الفقر، الذي لا تزيد نسبته في الإمارات عن 1%، بينما يرتفع في الصومال إلى 81%.
جميع هذه المؤشرات تأتي في الوقت الذي تجاوزت فيه ديون العالم 100 تريليون دولار، حيث جاءت أميركا على رأس القائمة حيث تخطت ديونها 18 تريليون دولار. وكان تقرير صندوق النقد الدولي قد حذر في نهاية العام الماضي دول العام من مخاطر تضخم الديون السيادية، حيث ارتفعت في اليابان بنسبة 258% من ناتجها المحلي الإجمالي، في حين ازداد حجم ديون فرنسا إلى 119%، بينما تراجعت الديون الألمانية إلى 68%.
وفي الصين، ثاني أكبر اقتصادات العالم، تفاقم حجم إجمالي الديون تحت تأثير حجم القروض الممنوحة من خارج القطاع المصرفي الرسمي، أو ما يسمى بمصارف الظل، وأيضا بفعل تأثير المضاربة العقارية، ليصبح حجم ديون الصين 28 تريليون دولار. وطبقاً لدراسة أجرتها شركة "ماكينزي" شملت 80% من الدول، تخطت ديون الشعوب 74% نتيجة الرهون العقارية، لتفوق قيمتها في العالم 40 تريليون دولار أمريكي في عام 2015، بينما ارتفعت ديون الشركات إلى 56 تريليون دولار.
خلال القرنين الماضيين تخلفت 83 دولة عن دفع ديونها السيادية الداخلية والخارجية وأشهرت إفلاسها، فكان من ضمنها أميركا وألمانيا واليابان وبريطانيا والصين، إلى جانب 14 دولة أوروبية و22 دولة إفريقية و14دولة آسيوية و13 دولة في أميركا الشمالية والجنوبية.
في الوقت الذي احتلت فنزويلا وبيرو والإكوادور المرتبة الأولى في قائمة أكثر الدول وقوعاً في الإفلاس بعد أن أعلنت إفلاسها 10 مرات منذ عام 1816، جاءت كل من البرازيل والمكسيك وأوروغواي وتشيلي وروسيا وإسبانيا في المرتبة الثانية بعد إعلان إفلاسها 9 مرات. كما حققت ألمانيا المرتبة الثالثة بعد إعلان إفلاسها 8 مرات، ثم أميركا بواقع 5 مرات، لتتبعها الصين وبريطانيا بواقع 4 مرات واليابان مرتان.
هذه الأرقام والحقائق تشير إلى أن الاقتصاد العالمي في خطر، وعلينا تحقيق أهدافنا التنموية من خلال تخفيض اعتمادنا على النفط ورفع كفاءتنا الإنتاجية وزيادة نمو اقتصادنا السنوي الحقيقي، فالثراء وعدد الأغنياء لا يعكسان نجاح اقتصادنا.