نقلت وسائط التواصل الاجتماعي سيلا من الأفكار والمقترحات مقدمة إلى هيئة الترفيه، تناولوا خلالها التراث والمتاحف والسياحة بكل أشكالها، ويحلو لي أن أقوم عبر هذا المقال بتجليل ما تحمله هذه التوجهات الشعبية التي جادت بها قرائح الجمهور الذي تفنن في صياغتها مدحا، وتعريضا لجانب الهزلية في عدم فهم مهام تلك الهيئة، وما مصير ما شاكلها من خدمات تقدمها الدولة على مدى أعوام مضت، أسعدت المواطن وما زالت وستظل، مثل الجنادرية ومناطق الاصطياف وقوافل الرحلات السياحية إلى المدن التراثية في المملكة. أليست هذه داخلة في باب الترفيه؟

وعندما راجعت هذا الملف عبر الوسائط، وما كُتب حول ذلك، ظننت أن معظم من كتب حول هذه المثلثية: التراث والسياحة والترفيه، وما ينطوي تحتها من أفكار، أن التداخل بينها وارد، لكنه في حقيقة الأمر مختلف تماما، ولكلٍّ شأنه وتخصصه، وغني عن القول ما هي واجبات السياحة في المملكة، والجهد الرائع الذي سلكته على مدى الفترة الماضية التي تجاوزت عقدا من الزمن تشكل في التعرف عليها، خلال الإستراتيجية الوطنية العملاقة للسياحة، وما يدري كثير من الناس مع الأسف عن القرى التراثية في المملكة التي اهتمت بها السياحة في مناطق القصيم وسدير والمندق وعسير ومشروع العقير ومدائن صالح وقرى الجوف، وحدّث إلى ما شاء الله عن هذا الإنجاز الذي لا يُغْفل عنه ببروز هيئة تعنى بالترفيه.

ثم ما المانع أن يكون هناك أكثر من جهة تعنى بهذا اللون من النشاط؟، لأن للترفيه خطوطا تختلف عن إحياء التراث وعن الجنادرية وقافلة السياحة خلال عدة أنشطة أُجْمِلها في قيام إمارات المناطق بالتعاون مع هيئة الترفيه بإحياء مراكز الأحياء وتنشيط دور الشباب في العمل التطوعي وتدريبهم خلالها، إضافة إلى قيام الهيئة بتفعيل دور المسارح التعليمية وتقديم المسرحيات الهادفة على غرار ما يقام في مركز الملك فهد الثقافي وأبرق الرغامة بجدة ومسرح المفتاحة، لتقضي العائلة يومها في ثقافة وترفيه مع عائلهم، وإيجاد بيئة لقضاء وقت الراحة خلال الأسبوع.

كما أنني لاحظت من تحدّث عبر وسائط التواصل الاجتماعي عن قيام السينما بالدور المطلوب منه، خلال التعاون مع جمعية الثقافة والفنون وكتاب السينما والمسرح، ويتمنون استغلال أوقات الشباب وفراغهم عبر برامج هادفة تجسد قضايا المجتمع وتعالجها في قالب درامي، ولعل هذا المطلب الذي طرح من وجهة نظري تُعنى به مؤسسات الثقافة وهيئاتها، والجهات المعنية بالتخطيط لإدارة مثل هذه الأفكار وطرحها على المجالس التي تُعقد في المناطق تحت اسم مجلس المنطقة، فهذا الشأن وغيره مما يمكن التقدم به إلى هذه الجهات، وكذا ما لاحظته من أطروحات عجيبة عندما أعلن عن قيام هذه الهيئة الفنية التي جاءت مع الهيكلة الجديدة لأجهزة الدولة، والرؤية لم تتضح بعد حتى يحكم على مناشطها مبكرا، إذ إن رئيسها أعلن أن الوقت المتاح لطرح الرؤية والهيكلية يحتاج إلى ثلاثة أشهر، بمعنى أن الناس سيترقبون مع محرم المقبل سطوع هذه الرؤية ومهامها ومناشطها.

كلي أمل ألا نتعجل في خلط الأوراق، وندخل شعبان في رمضان، ونحمّل الهيئة ما لا يتحمل، أو أن نقول إن الجهات المختصة بالسياحة لم تقم بدورها، أو أن رعاية الشباب لم تقض على فراغ الشباب حتى جاءت هيئة الترفيه.

أقول، نحن في حاجة إلى هيئة للسياحة، وهيئة للترفيه، وهيئة للشباب والميدان، يتسع لكل مجتهد وطني يخدم شباب الوطن، وهذا المجتمع العزيز على قلوبنا.

ورأفة بالأحكام، حتى تصدر اللوائح التي وعد بها المسؤولون عن هيئة الترفيه والتخطيط لها، وإسهام كل جهد وطني حكومي أو شعبي يخدم إنجاح الترفيه، وفق ضوابط هذه البلاد التي نسعد جميعا بالانتماء إليها وإلى قيادتها، دمت يا وطني بخير.