يوجد بين المملكة العربية والسعودية والعديد من الدول المجاورة والبعيدة مجالس للتنسيق بين العلاقات المتبادلة؛ فهناك ـ على سبيل المثال ـ مجلس التنسيق السعودي اليمني، ومجلس التنسيق السعودي القطري، ومجلس التنسيق السعودي الأردني، ومجلس التنسيق السعودي التركي، وبالطبع مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تم التوقيع على محضر إنشائه قبل أيام؛ بشهود مميز من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
جدة ـ بوابة الحرمين، وعروس البحر الأحمر ـ كانت الإثنين الماضي على موعد تجدد به ما تم فيها قبل (42) سنة، من توقيع بين الزعيمين الكبيرين: جلالة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ رحمهما الله رحمة واسعة ـ على معاهدة تنظيمية حدودية بين البلدين الشقيقين؛ وأكدت جدة من جديد لمن يعرف، ولمن لا يعرف أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ترتبط مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة أخيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بعلاقات تاريخية قديمة، قدم منطقة الخليج نفسها، ضاربة في جذور التاريخ والجغرافيا، تعززها روابط الدم والمصير الواحد؛ روابط ووشائج أسس دعائمها العاهلان الكبيران، وحرص من بعدهما من القادة على توثيقها باستمرار، وتشريبها بذاكرة جميلة، مكنت العلاقات من أن تستمر على نهج قل نظيره هذه الأيام، ولا أدل على ذلك من التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول كل القضايا المحيطة، وكل الموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، حتى صار الانسجام السعودي الإماراتي للقرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك تاما ومتطابقا.
الملحوظة الأبرز بين مجالس التنسيق السعودية وغيرها؛ أن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي نال ما لم ينله غيره من الحفاوة المستحقة، والتقدير المتبادل، ليس على مستوى الساسة وأصحاب القرار، بل على المستوى الشعبي، وبشكل جعل البعض يردد المقولة الشهيرة: "نحن روحان حللنا بدنا". وأجمل ما في الحفاوة والتقارب السعودي الإماراتي الشعبي أنه ليس مصطنعا أو مفروضا سياسيا، بل هو انعكاس لتناغم شعبي واضح بين الطرفين، ولا غرابة أن أصبح السعودي يشعر بأنه إن كان في الإمارات، فهو في بيته الثاني بالفعل، يأمن هناك على تعليم عياله، وصحة أسرته، واستثمار أمواله، وبنفس المستوى يجد الإماراتي عنده ما يحتاج إليه من روحانية وطمأنينة، لا يمكن له أن يجدها إلا في صحن المطاف، وداخل الروضة الشريفة.. اللهم أدم هذه الصلات.