يؤكد الكثير من المثقفين والأدباء أن الأندية الأدبية لو كشفت عن جميع الأسماء المعتمدة لديها في الجمعيات العمومية حسب اللائحة الجديدة، لأحدثت صدمة كبيرة لدى المهتمين، بسبب غياب أسماء معروفة ومؤثرة عنها، بعضها كان لهم تجارب وحضور جيد في الجمعيات السابقة. "الوطن" استطلعت بعض تلك التجارب التي اتفقت على أن سبب الابتعاد عن التسجيل أو التجديد في عموميات الأندية يعود إلى أسباب كثيرة أهما حسب آرائهم "الدور الضعيف للجمعية العمومية في فترات سابقة واقتصار دور بعض أفرادها على الموافقة على أي قرار أو فكرة من مجلس الإدارة إضافة إلى أن اللائحة سمحت بدخول من لا يحمل أي هم ثقافي أو إبداعي"


 تهميش المرأة


يقول الناقد الدكتور عالي القرشي" تصرفات أعضاء مجلس أدبي الطائف مثلا في إدارة العمل الثقافي تتناسى الوعي الثقافي لصالح الشللية والكسب الوقتي لأي مغنم، حتى لو كان ذلك على حساب أهداف الأندية المرسومة في اللائحة القديمة، وما تلاها، فمثلا المرأة العضوة إن تمردت على الانسجام الشللي عوقبت بالتهميش والإقصاء، النشاط الثقافي سخر لمجاملات وقتية، وبعض الكتب نُشرت دون اطلاع الأعضاء على مستندات النشر من تقارير المحكمين. ويضيف تحولت مقتضيات العمل الثقافي إلى سلوك داخل إدارة النادي وبرامجه، فأصبح النبراس أن العمل الثقافي كما يردد أبومدين دائما: الثقافة مغرم وليست مغنما، ولهذا فضلت الابتعاد عن النادي.





 بيئة مخترقة

يرى الدكتور حسن النعمي أن الأندية الأدبية تمر بمرحلة فقدان التأثير، وهذا يعود إلى قدم هيكلها وضعف لائحتها التي سمحت بدخول أسماء من غير المشتغلين بالعمل الثقافي. وأضاف أن بيئة الأندية الأدبية مخترقة بأسماء ليس لها تأثير في العمل الثقافي، مشيرا إلى أن الأندية الأدبية بصفتها الحالية تجاوزها الواقع الثقافي كثيرا. وعن تجربته داخل أدبي جدة قال: اشتغلت في العمل الثقافي لأكثر من عشر سنوات، قدمت فيها ما استطعت، وأسهمت مع غيري من زملاء الحرف في نادي جدة من خلال تأسيس جماعة حوار التي كانت منبرا حواريا مؤثرا في السياق الثقافي. ولم أعتزل العمل الثقافي لكني اعتزلت العمل في المؤسسات الثقافية. وذكر أن استقطاب المثقفين الأدباء ووجودهم في الأندية يحتاج إلى أمور عدة منها: تحويل الأندية إلى صيغة المراكز الثقافية التي تمثل كل أطياف الثقافة، وذلك بدمج الأندية وجمعيات الثقافة. وضع لائحة تمثل مرحلة الدمج تقنن المنتسبين للمراكز الثقافية من المشتغلين بالعمل الثقافي حتى لا يدخل بعض الانتهازيين وعديمي المواهب إلى هذه المراكز، رفع الدعم المالي بما يتناسب مع دورها في رعاية الفنون والآداب في ظل منطلقات رؤية المملكة 2030.

 


مسرحية سقطت فنيا

يبرر القاص محمد منصور الشقحاء ابتعاده  بـ"الحفاظ على المكاسب" التي جناها في تجربته السابقة مع نادي الطائف الأدبي على المستوى الشخصي والعام. وقال: هي تجربة ثرية مع أصدقاء وإخوة كرام همهم الأدب والطائف المدينة الثرية إنسان وطبيعة، وجهة مشرفة احترمتنا كأدباء ولم تتدخل في عملنا الذي كان في إطار الهدف وهو ثراء الساحة الأدبية بالمنتج والنقاش. وقال في الانتخابات السابقة كان حضوري كمشاهد يتفرج على مسرحية سقطت فنيا بسبب مخرج تدخل في النص فمسخه إنتاجا وترهلا وهي انتخابات مجلس إدارة النادي الأدبي بالرياض.

وبين أن هذه المرة إن حدد موعد لرفع الستارة سوف أحضر كمتفرج داعما لأسماء احترمها وأحبها وآمل تجاوز أخطاء الدورة السابقة.

 


كشف المستور


يسرد العضو السابق في الجمعية العمومية لنادي أبها الأدبي علي فايع الألمعي طرفا من تجربته قائلا:

تجربة الانتخابات في الأندية الأدبية كانت محفزة جدا للتسجيل ودفع الرسوم المقررة في التجربة الأولى التي كانت "300" ريال وخفضت في اللائحة الجديدة إلى "200" ريال. لكن الانتخابات وما شابها من قصور في اللائحة ذاتها وليس في فكرة الانتخاب فتح الباب لخروقات كبيرة أسهمت في تخفيف حدة الفرح لدى كثير من الأدباء والمثقفين وزادتها عند غيرهم الذين وجدوا فيها فرصة للتكتل وتحقيق بعض الأماني التي يحلمون بها. وأضاف: سنة أولى انتخاب وتجربة المجلس المنتخب صدمتني كثيرا، إذ لم يتجاوز دور عضو الجمعية العمومية في نادي أبها الأدبي "الذي انتسبت له" الحضور وتبرئة الذمة والمصادقة على رؤى بسيطة وفعاليات مرتجلة ربما كتبت قبل الاجتماع بدقائق ووعود فضحتها السنة الثانية التي لم يتحقق منها شيء يذكر. كل هذه المقدمات جعلتني أوقف تسديد الرسوم وأعيد ترتيب الأولويات لدي، إذ لا قيمة لعضويتي في مؤسسة ثقافية لا تحترم رأيي ولا تشاركني في التخطيط لفعلها الثقافي الذي يعنيني كعضو كما يعني عضو مجلس الإدارة الذي تم انتخابه.

وختم بالقول: التجربة الأولى كانت صادمة انسحبت منها وظللت على الدوام أحاول كشف عوارها في المحيط الذي انتسبت له ومع اللائحة الجديدة للأندية الأدبية كان قراري النهائي بعدم التجديد لأن الوضع القادم سيكون أسوأ من الوضع السابق لما في اللائحة الجديدة من ثغرات كبيرة تمكن من لا علاقة له بالأدب والثقافة من الاستحواذ الكامل على النادي وتعطيل المعطل أيضا. أنا الآن خارج العضوية بإرادتي ومعي كثيرون من أدباء عسير ومثقفيها. تكفينا الفرجة والكتابة وحضور ما تيسر لنا حضوره.


صالون عائلي

القاص والكاتب عبدالرحمن الدرعان قال إنه طوال الفترة الماضية آثر الصمت على الكلام، أما الآن فسوف يكسر الصمت ويفرغ الجرة، مشيرا إلى أن عضويته بأدبي الجوف لم تكن في فترة الدورة التأسيسية للنادي، ولا في الدورة التي تلتها أحد خياراتي بل كانت استجابة لضغوط دافعها كانت الثقة في شخصي من قبل وكيل الإمارة السابق الراحل الدكتور حمد الوردي ثم الدكتور عبدالعزيز السبيل في الدورة التالية، وقد تصديت للعمل محاولا وأعضاء المجلس آنذاك أن نتجاوز صعوبات التأسيس وحيرة البدايات ونواكب الحركة الثقافية ونشيد أرضية صلبة للنادي الوليد ومنطلقا لتحريك الراكد بكل ما وسعنا من جهد، وأقمنا العديد من البرامج والنشاطات الخلاقة كان أبرزها برنامج "جهات" الذي استنسخه عدد من الأندية.

وأضاف: عندما واتتني الفرصة لم أتردد في تقديم استقالتي بعد مضي نصف الفترة حيث تسلم إدارة النادي إبراهيم الحميد الذي تحول النادي على يديه وزملائه إلى مؤسسة خصبة وفاعلة ومؤثرة ومنفتحة على آفاق رحبة، الأمر الذي أوغر صدور الظلاميين إلى الحد الذي أدى إلى إحراق صالة النشاطات مرتين متتاليتين وكاد الحميد أن يدفع حياته تحت وابل تهديداتهم.

وعندما أقرت الوزارة مشروع الانتخابات اعتذرت عن الترشح بانشغالي بإدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية "مركز عبدالرحمن السديري الثقافي". كانت اللائحة كما يعلم الجميع هشة سمحت لمجموعة من الطارئين أن يتسللوا إلى النادي وشرعوا للأسف يديرون العمل بذهنية الموظفين، وهكذا تحول النادي إلى صالون عائلي مغلق، وتعطلت معظم نشاطاته.