لا بد أن نعترف بأن هناك فجوة بين جيلين. جيل الشباب وجيل الكبار. فالكبار يقيسون تصرفات الشباب وآراءهم وتفكيرهم بمقاييسهم وبأنماط تفكيرهم ورؤاهم، ويظلون يقارنون ذلك بما كانوا عليه في زمانهم عندما كانوا شبابا، بل إن بعضهم يدعي أنه كان مثاليا وعصاميا، وربما تناسوا عن قصد أو غير قصد ما كانوا يفعلون وكيف كانوا يفكرون، وحتى إن كبارهم في ذلك الوقت كانوا ينظرون إليهم ويقيّمونهم كما يفعلون هم الآن مع الشباب.
لذلك، من غير الإنصاف في أي وقت وفي أي زمان، أن يقارن الكبار الشباب بزمانهم. فالتغير والتحديث في أنماط الحياة والثقافة والتفكير يتبدلان من زمن إلى آخر، كما تتطور الوسائل وتتعدد المتغيرات وتختلف معها الاهتمامات.
الشباب اليوم سئم من كثرة الانتقاد، ومل وضجر من النظرة الدونية والسلبية التي ينظر إليها كثير من المتقدمين في السن، ولديهم من الطاقات والإمكانات والمهارات ما يمكن استثماره أحسن استثمار لمنفعة أنفسهم ومجتمعهم ووطنهم، وبإمكانهم أن يبهروك بنتائج لا تخطر للأولين على بال أبدا، ويحققون أهدافا ربما كان من الصعب على أسلافهم تحقيقها لو أُحسن استثمارهم، وتوافر الاهتمام بهم ودعمهم كما ينبغي.
أما الرسائل السلبية والاتهامات والتهكمات التي يصر بعض الكبار ورجال الأعمال على إرسالها وترديدها وترسيخها، فهي لن ترسخ سوى السلبية والإحباط وتهبيط الهمم، وبالتالي فإننا نغامر بروح أهم موارد الوطن، وهم الشريحة الأكبر من المجتمع وعماد المستقبل.
الشباب اليوم أحوج ما يكونون إلى بث وتعزيز الرسائل الإيجابية والوثوق بهم وبمقدراتهم وإمكاناتهم ومهاراتهم. سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع أو المؤسسات الرسمية والمدنية المعنية بهم، مثل التعليم والعمل وهيئة الشباب وغيرها من المؤسسات، وأن تتضافر الجهود لتلمس متطلباتهم الفطرية والنفسية والعملية.
فلننظر إلى شبابنا على أنهم ثروتنا الحقيقية، وهم المعول عليه، بعد الله، في تحدياتنا للمستقبل.