أحمد مذكور



يتعارض الناس في ملف كُثر اللغط فيه حتى أصبح حديث مجالسهم، بين المؤيد والمعارض لقيادة السعوديات لـ(السيارة)، ينتظرون الجديد فيه، وإمكانية البت بأمره، كاستقصاء كشف النقاب عن فكر ومعتقد الإنسان السعودي وبقايا الأفكار العقيمة المتراكمة، فقد أصبح ملف قيادة المرأة السعودية بين شرنقة العيب ومشيمة الحرام، ومخاض التسويف، الذي يجعله يدور داخل حلقة مغلقة داخل مكاتب الأنظمة وهيئات الحقوق، بارك الله لنا في حكومة حفظت حقوق المرأة وصانت كرامتها قدر المستطاع وعظّمت شأنها وتجشمت عناء المواجهات الإعلامية والإلكترونية، ولكن ما تقتضيه حاجة النساء اليوم سواء مع العولمة الإلكترونية أو العولمة الحياتية وما جد بها من تطورات يجعل حاجتها للقيادة شبه ضرورية.

ولكن ليس السؤال هنا عن أحقية المرأة بقيادة السيارة؟ فقد تفاقمت الآراء للإجابة على هذا السؤال بين المؤيد والمُعارض، والمعارض المُتشرِط، ولكن : كيف ستقود السعوديات (السيارة)؟ هذا ما يجب التفكير فيه بعمق ومصداقية وواقعية ليس فقط من باب أن كل الدول تقود نسائهن السيارة أو من باب المساواة, والحقوق، ولكن من باب الحاجة فقد أصبحت المنازل السعودية وحاجة المرأة فيها للقيادة وحاجة بعض العوائل التي يغيب رجالهن لأي سبب كان سواء كان أسباب وطنية أو عملية أو اجتماعية أو جينية فبعضهم لم يرزق إلا بالإناث فتزداد حاجتهم لوجود سيارة بالمنزل؛ وللإجابة على كيفية قيادة السعوديات؟

 أقول : كما ارتدت السعوديات (الجينز) بعد حرب من التحريم والتعييب دامت أعوام ستقود السعوديات السيارة ، كثيرة هي الملفات المشابِهة والتي كانت أسيرة التسلط المجتمعي، ثم تحررت فبعد تحريم الأطباق الفضائية أصبح يُزين كل المنازل، ولكن الأمر يحتاج إلى بُنية تربوية وتوعية ومرورية في المقام الأول وأنظمة مقننة وعقوبات جادة في تحديد آلية القيادة والحراك المتمخض عنها؛ لذلك نحتاج إلى تهيئة الإنسان والمكان، معرفيا، وسلوكا وتهيئة سيكولوجياتهم وإعداد برامج توعوية لكلا الجنسين ومراكز تعليم القيادة ووضع أنظمة وضوابط تحدد آلية النساء اللواتي تنطبق عليهن لوائح القيادة وعقوبات صارمة لمن يخالف تلك اللوائح زائد قوننة ضوابط أمنية للحراك المتمخض عن القيادة لكلا الجنسين بالإضافة إلى قليل من الوقت ليصبح الأمر عاديا؛ وعندما يعي الشباب السعودي تلك الحاجيات والظروف الأسرية التي دعت نساءنا للقيادة سيصبح الأمر سهلا خصوصا عندما تضع وزارة الداخلية آليات مخصصة للقيادة وأنظمة وعقوبات صارمة لكلا الجنسين .

 كما يجب أن يعي الشاب بأن تلك التي تقود السيارة أمه أو أخته أو قريبته؛ أخرجتها الحاجة وأجبرتها الظروف بشتى صورها الأسرية والمعيشية والاجتماعية وحتى الترفيهية فحري بنا أن نحترم ونقدم العون لهن, وكما تربى واعتاد شباب العالم على قيادة المرأة للسيارة سيعتاد أبناؤنا، ولن يكون هنالك عائق تربوي أو سلوكي، وقليل من الوقت الذي تنفذ فيه وزارة الداخلية خططها وبرامجها الأمنية، والتوعية والإرشادية بالتعاون مع الوزارات الأخرى ،كفيلة بأن تجعل قيادة المرأة في السعودية ليس أمراً مستحيلاً.