يبقى السؤال الذي يردد الكثيرون متى يمكن القضاء على داعش بصورة نهائية؟ ومن المستفيد الأكبر من ظهور هذا التنظيم المتطرف إلى جانب التنظيمات المتطرفة الأخرى؟ والجواب يمكننا أن نستشفه بسهولة من واقع الأحداث التي لا تخفى على أحد.
ضرب التنظيم الدولي بقوة في مناطق العراق وسورية بالتزامن مع الثورة التي اندلعت ضد الرئيس بشار الأسد قبل 5 سنوات، استمات الأسد في الدفاع عن نفسه بحجة محاربة تلك التنظيمات المتطرفة، وأوهم العالم أجمع أنه يخوض حربا ضروسا مع تلك الجماعات، فيما الحقيقة وحدها تنبئ بأن الحرب التي خاضها لم يقتل فيها سوى السوريين، أطفالا نساء ورجالا.
السياسة الأميركية في المنطقة أحد الأذرع الخفية التي ساعدت في نمو وتطور تلك الجماعات كونها تركت الحبل على الغارب، وتخلت عن دورها في المنطقة وسمحت لنظام الطاغية بأن يتمادى في سفك دماء أبناء شعبه دون هوادة، ليولد كل ذلك في آخر المطاف جيلا موقوتا من المتشددين والمتطرفين الذين وجدوا ملاذا عند تلك الجماعات للأخذ بالثأر من نظام الأسد.
لا رغبة لتنظيم الدولة الإسلامية في أروقة البيت الأبيض، ويبقى السؤال متى سيتم القضاء على داعش؟ سؤال يطرح نفسه بقوة، والحقيقة أن أميركا متى ما رغبت في التخلص من التنظيم فإنها ستفعل ذلك حتما، وفي أشد الظروف سيتلاشى نشاط التنظيم تدريجيا ويضمحل ويتحول إلى بؤرة ساكنة، ومتى استدعت الظروف ظهوره فسيستعيد نشاطه.
أكبر المستفيدين من تنظيم داعش هي إيران، وهذا ليس بخاف على أحد، فمع الاضطراب الذي أحدثه التنظيم خلال السنوات الأخيرة في مختلف مناطق العالم أنجزت إيران اتفاقا نوويا ما كان لها أن تنجزه لولا الحرب الذي يخوضها التنظيم بالوكالة عنها في عدد من البلدان، وفي الأخص في مناطق العراق وسورية واليمن.
فرقاء الحروب أيضا لهم نصيب من كعكة داعش التي تقاسموها، سواء أميركا أو روسيا، باعتبار أن مواجهة خطر التنظيم تستلزم بيع السلاح الذي تصنعه كلتا الدولتين وتنشيط سوق التسليح الحربي والعسكري بذريعة مواجهة التطور الرهيب في التكتيكات التي يستخدمها التنظيم في تنفيذ عملياته.
الرقعة السوداء تتزايد في الانتشار الجغرافي ومد نفوذها بعد السيطرة شبه الكاملة للحدود السورية العراقية مع عجز كلي للدول العظمى في قطع شريان التنظيم الرئيسي باستخدام الجو، لأن المعارك على الأرض تختلف كثيرا عما ترسمه تلك الدول من خطط وضربات تنفذها طيارات إف 16 أو الطائرات الموجهة من غير طيار.
يجب أن يدرك الجميع ألا أحد سيكون بمنأى عن خطر التنظيم الذي يتمدد بسرعة من سورية والعراق على الرغم من كل الضربات التي توجه لعناصره منذ فترة، ولعل لجوء التنظيم إلى تكتيك المفخخات والعمليات الانتحارية التي تزايدت بشكل كبير هو دليل آخر على حجم التنظيم الفعلي على الأرض.
أسئلة أخيرة يرددها الجميع دائما حول الكيفية التي توسع بها التنظيم في فترة زمنية بسيطة، من أين كل ذلك السلاح الذي يقاتل أفراده به؟ هل عجزت كل التقنيات الاستخباراتية الحديثة عن رصد زعماء التنظيم؟ ما الموارد المالية له؟ من يسيرها؟ متى ستكون النهاية؟ من سيخلف التنظيم بعد تلاشيه أو اضمحلال نشاطه؟