في مكالمة هاتفية طويلة، بحر الشهر الماضي، مع سعادة الأستاذ، صالح القاضي، أمين منطقة عسير قلت له: ماذا اكتشفت "أبا أحمد" من النقص بعد عام من التكليف ومباشرة المسؤولية؟ أجابني فوراً، ويشهد الله، بنفس الجواب الذي كنت أنتظره: نقص حوافز الاستثمار الثقيل من قبل التجار وعمالقة القطاع الخاص في منطقة واعدة تستقبل في الصيف ضعفي عدد سكانها دفعة واحدة. كان سعادة الأمين شجاعاً وهو يقول إن هذه مسؤولية "الأمانة" وحدها كاملة مكتملة. وما لم أقله لسعادة الأمين ليس إلا دعوة مفتوحة لزيارة الجارة العزيزة مدينة جازان، تلك المدينة المذهلة التي غيرت أديمها بشكل لافت في السنوات الأخيرة بفضل التحالف بين أمانة المنطقة ومستثمري القطاع الخاص.

خذوا هذه اللقطة: غبت عن جازان المدينة، لا المنطقة، ما يقرب من ثلاث سنوات وحين عدت إليها قبل شهرين وجدت على شقها الشمالي أجمل فندق سكنته على الإطلاق بكل مدن هذه المملكة.

منتجع أنيق فاره يأخذك إلى أجواء شرق آسيا بكل ما فيه من الخدمات والأجواء الساحرة التي يصعب أن تجدها على الإطلاق في أي مدينة سعودية. اتصلت فوراً بالمالك، الصديق الغالي، عبدالمحسن الحكير، لأشكره على هذه المدينة المنتجع، وكنت سعيداً جداً وهو يقول لي إن نهاية المشروع - وعند اكتماله - ستكون قطعة من "المالديف" بعد ثلاثة أعوام، ولن أنسى شكره لكل مسؤول في منطقة جازان لأنهم ساهموا معه في الاستثمار الهائل في قطعة عزيزة من بلده. في هذه المدينة الصغيرة اليوم ثلاث ماركات شهيرة لثلاثة فنادق من النجوم الخمسة، وفي الطريق يبنى الفندق الرابع تحت اسم عالمي شهير، ومع كل هذا يصعب أن تجد غرفة خالية متاحة.

والخلاصة التي أهمس بها في أذن الأخ العزيز، أمين منطقة عسير، هي ذات الرسالة التي سمعتها من فمه وأنا في بالغ السعادة أنها جوهر اهتماماته: إنها قصة الاستثمار وقتل العوائق البيروقراطية التي تكبح رغبات المستثمرين من العيار الثقيل. جازان تعاقدت مع مستثمر واحد وأعطته جزءاً من الواجهة البحرية فأحال المكان إلى جوهرة مشعة. أبها، ورغم كل هذا الجمال الأخاذ لا يوجد بها فندق من الماركات العالمية رغم اختيارها عاصمة السياحة العربية للعام 2017، وهذه حقيقة مؤلمة لا يتحمل تبعاتها سوى أمانة المنطقة. سأختم بالقول لأخي العزيز، صالح القاضي، إذا نجحت في ملف الاستثمار مهما كانت التضحية فهذا وحده يكفي في سيرتك الذاتية مع هذه المدينة. سأروي له في أول لقاء بعض قصص المستثمرين من العيار الثقيل الذين هاتفوني من قبل وهم يتحدثون بألم عن قيود البيروقراطية التي كبلت أحلامهم للاستثمار في عسير ومن أمانتها بالتحديد.. انتهت المساحة.