عادت «المسألة الفقهية» المتعلقة بإمساك وإفطار قاطني الأبراج الشاهقة إلى الواجهة مجددا، وسط جدل بين فقهاء حيال التوقيت الصحيح، إلى جانب تداول معلومات عن توجه استثماري لاحتضان المملكة أعلى مبنى في العالم خلال السنوات المقبلة.
ابن عثيمين
«الذين على الجبال أو في السهول والعمارات الشاهقة، كل منهم له حكمه، فمن غابت عنه الشمس حل له الفطر، ومن لا فلا».
إفتاء دبي
«يتوجب على ساكني الأبراج العالية مراعاة فروق التوقيت في غياب الشمس بين سطح الأرض والمكان الذي يكون فيه».
ابن تيمية
«إذا غاب قرص الشمس يفطر الصائم، ويزول وقت النهي، ولا أثر لما يبقى في الأفق من الحمرة الشديدة في شيء من الأحكام».
ستكون "المسألة الفقهية"، والمتعلقة بإمساك وإفطار قاطني الأبراج السكنية أو التجارية الشاهقة، إحدى القضايا التي تفرض نفسها من المنظور الفقهي في المملكة خلال السنوات القليلة المقبلة، وبخاصة في ظل توجه استثماري متصاعد لإنشائها في مدن المملكة الرئيسية، وإعلان إحدى الشركات الوطنية اعتزامها إنشاء أعلى مبنى في العالم في السنوات القليلة المقبلة.
فروق التوقيت
تتميز مدينة دبي تحديداً بالأبراج الشاهقة، وأهمها برج خليفة أعلى مبنى في العالم، وقد واجهت الجهات الفقهية المسؤولة بها منذ سنوات قليلة هذا الاستفسار الفقهي، وذكرت دائرة الإفتاء والشؤون الإسلامية في دبي حينها أنه يتوجب على من يسكن في الأبراج العالية مراعاة فروق التوقيت في غياب الشمس بين سطح الأرض والمكان الذي يكون فيه، وأضافت أن عددا من سكان برج خليفة المكون من 160 طابقاً مطالبون بتأخير الإفطار في شهر رمضان، مثلا سكان الطوابق الأقل من الطابق الـ 80 يفطرون وفق موعد أذان المغرب في المساجد، أما سكان الطوابق من 80 إلى 150، فعليهم الإفطار بعد دقيقتين من موعد أذان صلاة المغرب، بينما سكان الطوابق من 150 وما فوقها يحل عليهم موعد أذان صلاتي المغرب والعشاء متأخراً بثلاث دقائق.
أحكام الأسفار الجوية
تعتمد عدد من المواقع الفقهية على كتاب "الأحكام الشرعية في الأسفار الجوية"، للفقيه المغربي المعاصر الدكتور سعيد الكملي، والذي نص على أن "الصوم في الطائرة أو أية وسيلة نقل مشابهة أو الانتقال من مكان منخفض إلى مكان مرتفع كما هو الحال مع الأبراج السكنية عالية الارتفاع ونحوها قد يخرج عن حالته الطبيعية المعتادة في المكان الثابت، فهو يتأثر بعامل الارتفاع أو الانخفاض أو الانتقال وفق حركة الشمس إلى المغرب أو عكسها إلى المشرق، وذلك لأن الشرع علق وقت الصوم على أسباب هي طلوع الفجر الصادق للإمساك وغروب الشمس للإفطار، وهذه العلامات تتأثر بما سبق".
وأضاف "لذلك يبقى الإمساك والإفطار متعلقين بسببيهما، فيكون الإمساك والإفطار فيما سبق من الحالات مراعيا للسبب الشرعي، ويؤخذ بعين الاعتبار أنه عند الارتفاع فإن طلوع الفجر يتقدم وقته أكثر من الانخفاض، وكذلك غروب الشمس فإنه يتأخر وقته عند الارتفاع، ويقصر عند الانخفاض، وأيضا فإن الصيام مع الانتقال من الغرب إلى الشرق يجعل النهار قصيرا لما يحصل من تعجيل للغروب، وفي عكس ذلك فإن النهار يطول لمجاراة الشمس في المسير إلى الغرب".
تباحث شرعي
أوضحت الجمعية السعودية الفقهية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أن صيام وإمساك الأبراج السكنية، سيحظى بالكثير من النقاش والتباحث الشرعي في الفترة المقبلة، لوجود ما يستدعي ذلك في اللحظة والفترة المقبلة.
صيام الأبراج السكنية
يقول أستاذ الدراسات العليا الشرعية والمدرس بالمسجد الحرام الدكتور فهد بن سعد الجهني لـ"الوطن"، إن "وقت الإفطار مرتبط بالسبب الشرعي، وهو غياب الشمس، وكذلك وقت الإمساك، الذي يرتبط بطلوع الفجر، فمن كان في طائرة أو يسكن في تلك الأبراج العالية، ينبغي له أن يحتاط لعبادته من صلاة وصوم، فلا يصلي أو يفطر إلا بعد تحقق حصول السبب الشرعي الذي أناط الشارع به صحة العبادة، فإذا كان من في هذه الطوابق العالية لايزال يرى الشمس ولم تغرب فلا يفطر حتى تغرب، ولو أفطر من يسكن في الأماكن العادية من حوله، وهذا ما أفتى به عدد من العلماء المعاصرين".
3 توقيتات للإمساك والإفطار في برج خليفة
1-
سكان الطوابق الأقل من 80: يفطرون وفق موعد أذان المغرب في المساجد.
2-
سكان الطابق من 80 إلى 150: عليهم الإفطار بعد دقيقتين من موعد أذان صلاة المغرب.
3-
سكان الطوابق من 150 وما فوقها: يحل عليهم موعد أذان صلاتي المغرب والعشاء متأخراً بثلاث دقائق