تعامل كثير من التغطيات مع أخبار المبتعثين والابتعاث بسطحية ولم تغط الإنجازات الحقيقية للمبتعثين والمبتعثات ولم تنزل للتعرّف على المبدعين وأصحاب البحوث العلمية وبراءات الاختراع والإنجازات الثقافية والاجتماعية على مستوى الجامعات وهم كُثُر.

لذا جاء هذا الكتاب ليوثق تجربة شاب سعودي ذهب إلى أميركا كمعيدٍ لديه أفكار وتطلعات وتصورات معينة، وبدأ قصته في التواصل والاحتكاك مع المجتمع المحيط به، وأدى هذا الاحتكاك إلى كثير من التغييرات في الفكر والتصورات وطريقة التعامل مع الأمور.

 


الانتقال إلى بيتسبرج

حصلت على قبول من قسم الهندسة الكهربائية بجامعة بيتسبرج بحيث يكون تخصصي الدقيق هو هندسة طبية فقررت الانتقال من آناربر بذكرياتها الرائعة والجميلة إلى بيتسبرج.

تميزت بيتسبرج وقتها بوجود مدرسة سعودية مسجلة بالمدينة والولاية وتعمل طوال الأسبوع وتقوم بتدريس مناهج السعودية وباللغة العربية ويذهب إليها طلابها بباصات المقاطعة، كونها إحدى المدارس المسجلة والمعتمدة فيها، كما تميزت بيتسبرج بوجود ستة مساجد في مناطق متفرقة منها وكان معظمها (ليس كلها) مساجد عرقية، بمعنى تسيطر عليها جنسية واحدة بخلاف الوضع في آناربر الذي كان وبالرغم من وجود اختلافات بين الأفكار والأجناس إلّا أن كل الجنسيات كانت موجودة في مسجدها الرئيسي ولم تكن السيطرة محدودة على جنس أو فئة معينة لتداول الانتخابات، كما أن الدعم والمساندة كانا يأتيان من كل الأطراف المتنافسة فيها.

الطلبة السعوديون في بيتسبرج كانوا متمركزين في السابق في مسجد أوكلاند الرئيس وانتقلوا إثر خلافات مع إدارة المسجد لمنطقة جرين تري وقاموا باستئجار غرفة اجتماعات في أحد الفنادق وتم تحويلها لمصلى يجتمع فيه الناس.

لم أشاهد للطلبة السعوديين وقتها نشاطاً بارزاً على مستوى المدينة خارج إطار السعوديين.

تعددت أسباب هذه العزلة فهناك حاجز اللغة الذي يمنع من التواصل مع الآخرين، فكثيرٌ من الطلبة لا يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، وهناك أفكار الولاء والبراء التي تتحفظ على التعامل مع الأميركان، وهناك غياب روح المبادرة للخوض فيما هو جديد، وهناك الخوف من مواجهة أسئلة محرجة وصعبة عند التواصل مع غير المسلمين.

أما سكان المدينة من المسلمين فكان هناك نشاط قوي جدا للتعريف بالإسلام على مستوى المدينة، فكثيراً ما يستقبل مسجد منطقة أوكلاند وفوداً من الكنائس والمدارس والمؤسسات ويشارك أعضاؤه مع مجموعة أخرى من المساجد الأخرى بالمدينة في جلسات المجلس البلدي ويرسل متحدثين للتعريف عن الإسلام والمسلمين في المدارس والمعاهد المختلفة.

 


مخالفات





في فترة ما قبل أحداث سبتمبر كان للأندية السعودية مقرات خارج الجامعات يتم استئجارها بميزانيات كبيرة حقيقة من قبل الملحقية الثقافية السعودية في واشنطن وتُقام فيها أنشطة النادي والمدرسة السعودية وتميزت بيتسبرج بوجود مدرسة الأندلس كمدرسة سعودية مسجلة بالولاية تماماً مثل الأكاديمية السعودية في واشنطن وسبق لي أن توليت المسؤولية المالية للمدرسة وكانت ميزانيتها في تلك السنة قرابة 95 ألف دولار سنوياً تصرف على مرتبات المدرسين واحتياجات ولوازم المدرسة، كان بالمدرسة قرابة الستين طالباً، كما أنها كانت تخدم حوالي 400-500 طالب منتسب للمدرسة من جميع أنحاء أميركا.

بعد أحداث سبتمبر بدأت الحكومة الأميركية بتسليط الضوء على كل المؤسسات المسلمة وحتى غير المسلمة المسجلة بأميركا وشمل ذلك طبعاً الأندية السعودية والمدرسة السعودية وأذكر وقتها أنه تم إغلاق عدد كبير من المؤسسات المسلمة لمخالفتها قوانين تسجيل المؤسسات غير الربحية بأميركا.

 خذ مثلا الأندية السعودية المستأجرة خارج الجامعة، فالعقد عادة ما يوقعه أحد الطلاب المبتعثين كفرد ولكن المنشأة يتم استخدامها كمؤسسة (مدرسة، ناد سعودي)، كما أن قيمة الإيجار كانت تأتي من طرف ثالث وهو الملحقية الثقافية السعودية أي أن الملحقية مسؤولة قانوناً بشكل مباشر عن كل ما يجري داخل تلك المنشأة من فعاليات ومحاضرات حتى لو لم يكن لها دور في تنظيمها، والحاصل كان هو أن الملحقية لم تكن تتدخل في أيٍّ من أنشطة النادي وما يجري داخل المقر بالرغم من أنها مسؤولة قانوناً عنه، من ناحية أخرى كثيراً ما يتخرج الطالب الذي وقع العقد ويسافر ويبقى العقد باسمه، بمعنى أن هناك مؤسسة تقيم فعاليات وأنشطة بمبنى تم استئجاره من قبل شخص يعيش خارج أميركا، وهذه وحدها تثير شكوكاً كبيرة جداً.  كانت المدارس السعودية تقوم بتوظيف زوجات المبتعثين أو طلاب الجامعة من المسلمين للتدريس في المدارس ومعظمهم كانوا يحملون تأشيرات لا تسمح لصاحبها بالعمل واستلام مرتبات دورية، كما أن نظاماً للتوظيف يتطلب توفير تأمين طبي وتأمينات وغيرها من القضايا التي لم نكن أصلاً نعرفها عندما استلمنا إدارة مدرسة الأندلس بيتسبرج، كل هذه إضافة إلى متطلبات قانونية أخرى مرتبطة بفتح وتسجيل المؤسسات غير الربحية فالمسألة سهلة من جهة لكن متطلباتها القانونية كثيرة وأهمل الكثير من المسلمين هذه المتطلبات فوقعوا في مطبات أدت لإغلاق مؤسساتهم بعد أحداث سبتمبر.


هجوم على المناهج

حصل هجوم كبير على المناهج السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر وركزت إحدى الصحف على وجود مدرسة سعودية في مدينة بيتسبرج كنوع من التحذير للناس وفي ظل إغلاق المؤسسات المسلمة الواحدة تلو الأخرى لمخالفاتها القانونية طلبنا استشارة محامٍ للتعرّف على وضع المدرسة القانوني ونصحنا المحامي بإغلاق المدرسة لأن هناك الكثير من المخالفات القانونية، فمعظم أو كل العاملين بالمدرسة غير مصرّح لهم بالعمل لأن تأشيراتهم طلابية، كما أن هناك متطلبات تسجيل التقرير المالي السنوي بالولاية وإعداد كشف الضرائب للسنوات الماضية كونها مسجلة كمؤسسة غير ربحية وطبعاً لم يكن هناك نظام ملفات جيد فقد انتقلت المدرسة أكثر من مرة وتعاقبت عليها الإدارات وتخرج مدراؤها السابقون، كما أن التقرير المالي السنوي كان يعدّ بالعربية ويرسل للملحقية بعد اعتماد أولياء الأمور، لكنه لم يكن يسجل في الولاية بمصلحة الضرائب وكان هناك غيرها من المخالفات التي سيكون مجلس إدارة المدرسة مسؤولاً عنها قانونياً ولم يكن بالإمكان الاستمرار بالمدرسة في ظل انخفاض عدد طلابها الذين لم يتجاوز عددهم عشرة طلاب فقد توقف الابتعاث إلى أميركا وقتها وفي ظل الضرورات القانونية للمدرسة تم إغلاقها.

 


 دعم الجبير

 


تسبّبت إجراءات التأشيرات والقوانين الجديدة التي استحدثها أشكروفت في تأخير إصدار التأشيرات للطلبة السعوديين لعدة أشهر، وتسبب هذا في أن يقوم الكثير من الطلاب بسحب أسمائهم من الدراسة لفصل أو اثنين، وكما هو معلوم فالصرف يتوقف على الطالب بعد عددٍ من الأشهر من انقطاعه عن البعثة وفي الوقت نفسه هناك التزامات مالية على الطلبة فعليهم عقود إيجار وخدمات في أميركا لا بد لهم من دفعها بشكل مستمر. تواصل باسل أحد الزملاء السعوديين في مدينة بيتسبرج معي بخصوص رغبته في المبادرة بالقيام بحملة توعية في أميركا وفي السعودية حول هذه المشكلة لكي تصل طبيعة المعاناة بدقة للمسؤولين وصانعي القرار فيتمكنون من تغيير القوانين، وقام الزميل بالتواصل مع نخبة من الطلاب المبتعثين بأميركا وشكلنا فريق عمل مميزاً وتواصلنا مع الملحق الدكتور محمد العيسى بخصوص هذا المشروع فرحب بالفكرة ووعد بدعمها بما يستطيع وبالفعل بدأت حملة اتفقنا على تسميتها (تأشيرتي تهدد مسيرتي).  كانت فكرة الحملة تتمثل في إعداد استبيان يستقطب آراء الطلاب حول طبيعة المشكلة التي يواجهونها في الحصول على التأشيرات، ومدة انتظارهم، والمعاناة التي يعانونها في المطارات، وآثار تأخير إصدار التأشيرات عليهم، ومن ثم إجراء تحليل لنتائج الاستبيان وجمعه في تقرير يتم عرضه على السفير عادل الجبير والملحق للتعرف على طبيعة المشكلات. تم إعداد موقع إلكتروني لهذا الاستبيان ونشر الرابط في الكثير من المنتديات والقوائم الإكترونية للمبتعثين، وتجاوب الطلاب والطالبات مع الاستبيان ونشرت عنه المقالات في الصحف المحلية مما رفع من صيته وصار هناك حديث على مستوى عالٍ حول المشكلة التي يتعرض لها المبتعثون، وأذكر بأن أكثر من 2000 طالب وطالبة شاركوا في الاستبيان، وقمنا بجمع نتائج الاستبيان وإجراء عدد من التحليلات على نتائجه ورفعناها للسفير بخطاب ركز على أن الهدف من الدراسة ليس تحدي سياسات الحكومة الأميركية في التأشيرات، بل إن برنامج الابتعاث حيوي لنهضة بلادنا العلمية وأننا كطلاب يهمنا أن ينجح، ونأمل في أن يتمكن أكبر قدر ممكن من الطلاب السعوديين من الدراسة في جامعات أميركا المميزة، وبعد انتهائنا من الدراسة وإرسالها لمعالي السفير ونشر نتائجها ظننا بأن دورنا قد انتهى فقد بلغنا الرسالة. تلقى مدير الحملة اتصالاً من السفارة كان مجمله أن السفير رحب بالدراسة بشكل كبير ويرغب باستضافة كافة أعضاء فريق الحملة للسفارة السعودية بواشنطن لمقابلة ممثلي وزارة الخارجية الأميركية لشؤون القنصليات والتأشيرات وعرض نتائج الدراسة عليهم بشكل مباشر، وبالفعل قمنا كفريق بإعداد عرض من أجل هذا اللقاء وكانت استراتيجيتنا هي التركيز على إبراز التغيرات الإيجابية التي حصلت في قوانين التأشيرات ونتائج الدراسة مع إبراز حوادث حقيقية تعرّض لها مبتعثون تعثرت أوراقهم إما لتشابه أسماء أو خطأ موظف أو أسباب تقنية أخرى تسببت بأضرار كثيرة للمبتعث، لم نرغب بأن نكون هجوميين وقررنا التركيز على سرد الحقائق التي كانت تتحدث هي عن نفسها بشكل مباشر. واستقبلنا السفير والملحق وتحدث معنا في أمور مرتبطة بجهود السفارة مع المسؤولين لحلّ مشكلات الانتظار في المطارات والتخفيف من إجراءات التأشيرات، وبعدها وصل وفد وزارة الخارجية الأميركية فرحب بهم معاليه وعرّفنا عليهم وتركنا معهم في الاجتماع لنتحدث معهم بحرية، وكان خروج معاليه حركة ذكية جداً لأن وجوده كسفيرٍ في الاجتماع سيفرض بروتوكولاً معيناً من التعامل سواءً من قبلنا أو من قبل مسؤولي الخارجية الأميركية وهو الأمر الذي أراد تجنبه ليأخذ كل فريق راحته في الحديث وطرح الأفكار والنقاش.

قدمنا العرض أمام فريق وزارة الخارجية الذي رحّب بالدراسة ونتائجها وذكر لنا بأن الخارجية أعدت دراسة أخرى شبيهة ركزت على محاور مشابهة للتي ركزت عليها الحملة وكانت نتائجها مقاربة لما تحصلنا عليه وشكرنا كفريق لأننا لم نكن هجوميين في حديثنا بل كنا عمليين نركز على الوقائع بعيداً عن العواطف وأبلغونا بأن هناك تغييرات قادمة في القوانين وأن عملية الانتظار الطويل في المطارات ستتوقف كما أن أوقات إصدار التأشيرات في طريقها للتحسن.


التحقيقات والسلطات

حضرت كمترجم متطوع أكثر من تحقيق مع عدد من العرب والسعوديين وكانت تجربة متعبة جداً، فالليلة التي تسبق أي تحقيق كانت تمر بصعوبة شديدة فلا أحد يتوقع ما الذي يمكن أن يحصل في اليوم الثاني، وقد حذّر والزاك كثيراً من أخذ هذه التحقيقات بطريقة سهلة وقال إنهم يأتون للشخص ويسألونه أسئلة وهم يعرفون إجاباتها، وذلك للتأكد من مدى صدق الرجل من عدمه وفي حال منحهم الإجابة الخاطئة يصبح الرجل مخالفاً للقانون لأنه كذّب على السلطات ويمكن سجنه.

وأذكر هنا مثالًا لطالب سعودي طرق المحققون بابه فرحب بهم وأدخلهم منزله فسألوه إن كان يعرف فلاناً من الناس فأنكر معرفته به فأصرّوا على سؤاله وأصرّ على الإنكار، فأحضروا فاتورة جواله وذكروا له بأن هناك أكثر من مكالمة له مع ذلك الرجل ويزيد وقتها عن 30 دقيقة فكيف ينكر معرفة شخص تحدث معه طوال هذه المدة؟ وبعد البحث والتحقيق تذكر الطالب المسكين بأن الرجل الذي يتحدثون عنه فعلاً اتصل به من عدة أشهر للسؤال عن المدينة التي يقطن بها والتعرّف عليها وقد أجاب عليه هذا الطالب بالأسئلة المرتبطة بالمدينة وانتهى الأمر ولهذا لم يتذكر، بشكل عام هذا الطالب كذب (بدون قصد) في التحقيق وهذا يعرّضه للسجن والأمثلة الشبيهة لهذا الطالب كثيرة جداً ولهذا كان والزاك يصرّ على أن لا يقبل أحد التحقيقات إلا بوجود محامٍ وأن لا يقبل أحد أن يتم تفتيش منزله إلا بإذن من المحكمة. الوضع العام قبل الأحداث كان سهلاً جداً ولهذا أهمل الكثير من الطلاب وحتى المقيمين عدداً من الضوابط والقوانين التي ينبغي الحفاظ عليها، فمثلاً لا يسمح للطلاب ولا المرافقين بالعمل بتاتاً في أميركا ولا بد من دفع الضرائب وعدم التهرب منها وإيضاح كل مصادر الدخل لديك في استمارة الضرائب للمقيمين ولا بد من الالتزام بالدراسة في المعهد نفسه أو الجامعة التي منحت الإقامة، وغيرها من القوانين التي كان هناك تساهل كبير من قبل السلطات تجاه من يخالفها قبل الأحداث وتغير هذا بعد 11 سبتمبر مما تسبب حقيقة في إنهاء بعثات بعض الطلاب وسجنهم، فهناك ذلك الطالب الكويتي المميز الذي اعتقل في الشارع أمام منزله لأنه درس مادة واحدة فقط في جامعة أخرى بدون أخذ تصريح من جامعته لهذا الغرض وهذا يعد مخالفة لنظام الهجرة فسجن المسكين لعدة أشهر إلى أن تم ترحيله إلى الكويت قبل أن ينهي بعثته ودراسته، وهناك قصة الطالب السعودي الشهيرة الذي تم اعتقاله واتهامه بدعم الإرهاب لأنه قدم دعماً فنياً وساعد أحد المشايخ على بناء موقع على الإنترنت نشر فيه فتوى جواز أن يدخل الطيار الذي انتهى وقود طائرته الحربية أثناء القتال أن يدخل في العدو ليثخن الجراح فيه، وهي فتوى قديمة نُشرت على الموقع المذكور من قبل الأحداث بكثير فانتهى الأمر باتهام هذا الطالب المسكين بأن له دوراً في التحريض على أحداث 11 سبتمبر وتم اعتقاله من قبل القوات الخاصة وتوجيه اتهامات ومطالبة بسجنه لأكثر من 400 عام فعينت له السفارة محامياً يهودياً متميزاً حقيقة ووصل الأمر لأن يطالب القاضي المدعي العام بإثبات بأن من نفذ عمليات 11 سبتمبر نفذها بعد أن قرأ هذه الفتوى وطبعاً لم يتمكن المدعي العام من إثبات هذا الأمر فأسقط القاضي كل التهم عن ذلك الطالب بحجة أن ما نشره هو حرية تعبير ولم ينتج عنها أي تحريض للقتل وبقيت على ذلك الطالب تهمة واحدة وهي أنه استلم مبلغاً من المال نظير تصميم الموقع وهذا يخالف نظام التأشيرات فتم ترحيله من أميركا قبل أن ينتهي من الدكتوراه الخاصة به!.

    توالت أحداث ردود فعل السلطات التي كانت تشير لوجود قلق كبير من تكرار العملية مجدداً وانتشر خبر الباكستاني الذي بلّغ جيرانه عنه بأنه يخلط الكيماويات في حديقة منزله الخلفية وبعد تحقيق المباحث معه اكتشفوا أنه يطبخ البرياني وأنه يرمي المياه الملونة الناتجة من الطبخ في الحديقة الخلفية فظن جيرانه بأنها كيماويات، وكان هناك أيضاً خبر المسلمين الثلاثة الذين كانوا يتناولون الغداء في مطعم بفلوريدا يتحدثون بأنهم سينزلون بالسيارة إلى تكساس، فالأمر ضروري فسمع الجالس بجوارهم نصف حديثهم (سننزلها اليوم بشكل ضروري) فبلغ المباحث بأنهم يستهدفون مبنى أو عملية يريدون إنزاله وهدمه وعلى الفور خرج خبر هؤلاء الثلاثة في "سي إن إن" وبدأ البحث عنهم والمساكين في الطريق بين فلوريدا لتكساس (مسافة طويلة جداً) وبينما هم في الطريق زارت وسائل الإعلام منزلهم ونشرت صورهم وصارت أميركا كلها تبحث عنهم.

 


مؤتمر لإدانة أحداث 11 سبتمبر   

بحكم وجود علاقات طيبة قديمة بين إدارة المركز الإسلامي في أوكلاند ومسؤولي المدينة زار عمدة مدينة بيتسبرج ورئيس شرطتها المركز وتحدثا مع رئيسه وإمامه في صباح 11 سبتمبر نفسه وأفادوا بأنهم قلقون على سلامة المسلمين مرددين تجربة انفجار أوكلاهوما الذي أُّتهم فيه العرب والمسلمون فوراً وقالوا إن هناك رقماً مخصصاً يمكننا الاتصال به في حال تعرض أي شخص من الجالية المسلمة للمضايقة أو الأذى. اجتمعنا الأربعاء بعد صلاة الظهر للتفكير فيما ينبغي عمله ولم نستغرق وقتاً طويلاً في النقاش فكان القرار بالإعلان عن مؤتمر صحفي بعد صلاة الجمعة تجتمع فيه كل المساجد والمراكز الإسلامية في بيتسبرج لإدانة قتل المدنيين في هذه العملية الإرهابية والإصرار على أن الإسلام بريء من هذا العمل. وعلى الفور قمنا بإعداد بيان صحفي بهذا الإعلان وأرسلناه لقائمة الصحفيين الذين سبق لنا عقد علاقات معهم وكان التجاوب مذهلاً في الحقيقة، فقد نشر الإعلان في كل الوسائل الإعلامية المحلية وبعدها انهالت اتصالات المؤسسات المدنية على المركز الإسلامي والراغبة في أن تقف مع المسلمين وتدعم هذا البيان الصحفي والإدانة، وطلبت محطة NPR الإذاعية أن تنقل خطبة الجمعة بالإنجليزية على محطتها وبالفعل حضر المؤتمر الصحفي بعد صلاة الجمعة كل مساجد بيتسبرج حتى هؤلاء الذين كانوا يتحفظون على التعامل مع الكفار بحجة الولاء والبراء وتم تغطية المؤتمر الصحفي والبيان من كل وسائل الإعلام المحلية وتضامن معنا أكثر من 30 مؤسسة مدنية ووصفت بعض وسائل الإعلام هذا المؤتمر بأحد أقوى ردود الفعل والإدانة لهذا العمل في بيتسبرج لأنه شمل تنوعاً كبيراً للمؤسسات المشاركة وتم إعداده في وقت قياسي.

 


نزيه شجاع العثماني


 أستاذ مساعد في قسم الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسبات (تخصص طبية حيوية)

جامعة الملك عبدالعزيز بجدة.

الطالب الدولي المميز لجامعة بيتسبرج بولاية بنسلفانيا لعام 2008 .

عضو سابق في لجنة الدعم والمساندة للأندية الطلابية في الملحقية الثقافية في واشنطن.