الابتعاث هو القرار الأهم في تاريخ التعليم في المملكة، لكن للأسف لم يساند بقرارات تحمي طريقه نحو تحقيق هدفه. حيث يبدو أن الملحقيات تصر على شد الطالب نحوها وتحرمه من إكمال تجربة ابتعاثه في البلد الأجنبي حتى إنك تتساءل: لماذا إذن ابتعث هذا الطالب إذا كان سيدفع لحضور دورة أكاديمية مترجمة إلى العربية من دورة تقيمها الجامعة أصلا وسيتسابق فيما يسمونه سجالا بالعربية ومع زملاء سعوديين؟ ولا تعجب أيضا سيكون متحدثا في مؤتمر تقيمه الملحقية في بلد الابتعاث باللغة العربية ويتنافس ويحكم بحثه مع وبيد سعودية؟

كمبتعث توقن أنك تحتاج لناد سعودي في مدينتك، تحضر مع زملائك صلاة الجمعة والأعياد وإفطار رمضان والمناسبات الوطنية، لكن الأمور الأكاديمية التي تتعلق بالتجربة الأجنبية التي دفعت بلادك مليارات لاكتسابها يجب أن تكون في جامعتك.

الجامعات الغربية تقدم للطالب دورات في مجال البحث أو تطوير الذات أو التكنولوجيا أو حتى استخدام الأجهزة الحديثة في المختبرات، بل تقدم سباق سجال بين طلابها وفي مواضيع عالمية.. إذن ما الدافع لهذا الهدر المادي الذي يصاحبه تشجيع مبطن للطالب السعودي على الانغلاق على نفسه وجماعته ولغته فيعود فقط بالشهادة الجامعية؟

والشهادة الجامعية ليست فقط ما يتم تحقيقه من الدراسة في الخارج، بل إن المشاركة في ورش العمل والدورات والمسابقات مع طلاب قادمين من بيئات أخرى وخلفيات تعليمية ربما أكثر تقدما تكسب الطالب خبرات لا تقدر بثمن ولا تستطيع الملحقيات ببرامجها توفيرها له.

كذلك التواصل مع هؤلاء الطلاب خاصة طلاب الدكتوراه والماجستير الغربيين وغيرهم، وهم مشاريع قيادات في بلادهم، سواء سياسية أو علمية، سيصنع لبلادنا علاقات جيدة مستقبلية، ويكون لنا لوبي من سفراء الوطن لا يستطيع شيء تعويضه.

في لندن هناك ملحق مكلف جديد أتمنى أن يوقف كل ما سبق، ويدفع الطلاب للاستفادة ويغلق هذا الهدر الذي لا طائل منه، ويوضع المال الذي يصرف فيه في مصارف مفيدة، كأن يقوم بمنح أطفال المبتعثين الذين يعانون التوحد أو الأمراض المزمنة في تأمين طبي لهم، فوضعهم في بريطانيا يثير الأسى والقلق.