يلفت النظر في النسخة الثالثة من فعاليات مهرجان "رمضاننا كدا" بجدة، تلك المنصات التعريفية المنتشرة في مسار المنطقة التاريخية، والتي تستهدف من خلالها الجهة المنظمة شريحة الشباب (من الجنسين)، لبناء "وجبات معلوماتية" سريعة عن الدلالة التاريخية لجدة قديماً، وما دون عنها من قبل الرحالة المسلمين أو المستشرقين الأجانب الذين وفدوا إليها في القرون السابقة.
ومن ذلك ما كتبه المستشرق الإنجليزي الضابط توماس إدوارد لورنس، الذي يعرف بـ"لورانس العرب" قبل أكثر من 94 عاماً من خلال كتابه (أعمدة الحكم السبعة)، الذي صدر في عام 1922، ووضع فيه خلاصة تجربته السياسية في إدارة أنظمة دول الشرق الأوسط بعد سقوط الخلافة العثمانية.
مدينة عجيبة
المهم في كتاب "لورانس العرب"، ما نشرته إدارة فعاليات المهرجان، من كتابات عن مدينة جدة التي قال إنها "مدينة عجيبة جداً وأغلبية شوارعها هي أزقة، وسوقها الرئيسية مسقوفة بالخشب ومنازلها مكونة من طوابق أربعة أو خمسة، وقد شيدت من الحجارة المرجانية، ودعمت بعضاضات مربعة، كما أنها زينت بالنوافذ الخشبية الواسعة الكبرى التي ترتفع من الأرض حتى السطح، والتي تخنق كل انعكاس للصوت، أما شوارعها فهي مكسوة برمال رطبة حتى ليخيل إليك أنك تسير على بساط". العديد من الشباب الذين التقتهم "الوطن" من الجنسين بجانب رباط باناجة الشهير بالمنطقة التاريخية، لا يعرفون الكثير عن تاريخ جدة، وهي المرة الأولى التي يقرؤون فيها هذه المعلومات، وتجدهم يقفون عند تلك المنصات متأملين حيال ما ورد عن مدينة الثلاثة آلاف سنة.
أسماء عديدة من المؤرخين والمستشرقين الذين استقت منهم الجهة المنظمة المعلومات التاريخية عن جدة، واعتمدت عليه المنصات المعلوماتية في فعاليات مهرجان هذا العام، كالرحالة خسروا (442هـ)، والأديب ومؤلف الموسوعات شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي، والعلامة عبدالقادر بن أحمد بن فرج الشافعي صاحب كتاب "السلاح والعدة في تاريخ بندر جدة"، والرحالة ابن بطوطة كان من بين هؤلاء في رحلته، التي ذكر فيها أن جدة، مدينة قديمة، توجد بها أحواض رائعة يجمع فيها الماء.