في مجتمعنا، دعم المرأة المثقفة وإعانتها على شق الطريق، والوقوف على عتبة النجاح من ذوي القربي يكاد يكون ظاهرة نادرة، تحديدا من الزوج وسبب ذلك يكمن -حسب رأيي- في إفرازات القيم الاجتماعية السلبية والعادات والتقاليد، التي يفرضها العرف، ويُتّهم بها الرجل والمرأة أحيانا في مجتمعنا، إذ يرى بعض الرجال أنه من العيب أن يقترب منه أحد يعرفه وهو برفقة زوجته في سوق، أو مصحة، أو في حديقة! فكيف يسير معها إلى تحقيق مشروع يرى أنه من الكماليات لا الضروريات! المرأة المثقفة بالإضافة إلى أنها تقف على الحد الفاصل بين تحقيق هدفها واستكمال مشروعها، وبين تقبل المجتمع لها، تعتلي قمة الخيبة من الزوج، وأسماء قليلة جدا من الرجال الواعين الذين يشعرون بقيمة تساوي العطاء بينهم وبين زوجاتهم، يقفون في كل جهات المرأة لدفعها كي تتبوأ مقعد النجاح، وتسير في الطريق المقنع لها وله
تلك الأسماء الرجالية أراهم هم الأسوياء فكريا والمعتدلين والموازنين بين ما يقولونه وما يفعلونه. الصديقة الروائية سناء الغامدي لها زوج من فئة الأسوياء هذه، أحترم فيه حرصه على دفعها إلى التقدم، وحرصه على تطورها وحضورها وسط المشهد الثقافي بكل ثقة، ويرافقها أينما تذهب، يحضر معها مشاريعها، ويبارك لها نجاحها ويشاطرها همها، ويقف بجانبها بكل فخر، تلتقط لهما لحظات الاحتفاء بكل منجز لتضاف إلى ذاكرة التاريخ، ويأبى أن يتركها وحيدة.
لذلك فهي تشعر بالتميز والثقة والرغبة في المزيد من الوهج، هذا أحد الأزواج الأسوياء في مجتمعنا السعودي، وهم قلة قليلة بكل أسف.
يخطر ببالي غيره الآن: علي مغاوي، وأحمد السيد عطيف، ومحمد زايد، هم من رأيتهم يظهرون مع زوجاتهم في مناشط ثقافية ويدعمونهن، وأظن أن هناك غيرهم لم أرهم، لكن ليسوا كثرة.
ومجمل القول إن هذا العمل لا يستطيع الكثير من رجالنا إليه سبيلا، لسبب واه جدا هو الخوف من نظرة المجتمع القاصرة، التي يتعاملون معها على أنها قانون إلهي يحرم اختراقه، فلو كان لديهم القدرة على تجاوز هذه المعضلة اللاواعية، فحتما سيكون الأمر طبيعيا، ولا يتعدى كونه حقا طبيعيا تمارسه المرأة في حياتها. وحتى أكون منصفة وعادلة في الحكم، فهناك أيضا بعض السيدات يشاركن الرجل في التفكير من ردة فعل المجتمع، فلا تسانده ولا تحفزه، بل ترى أن العمل الثقافي برمته ضياع للوقت، وهذا للأسف حاصل تقسيم الوعي بين نظرة المجتمع، وبين تأنيب الضمير من الوقوع في كارثة لا تغتفر.